سعد بأناس مِنَ النَّاسِ عَلَى استنظاره، فافترقوا وبعضهم يلوم بعضا، يلوم هؤلاء سعدا ويلوم هَؤُلاءِ عَبْد اللَّهِ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سَعْدٍ، وَعِنْدَهُ ابْنُ أَخِيهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ، فَأَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ سَعْدًا، فَقَالَ لَهُ: أَدِّ الْمَالَ الَّذِي قِبَلَكَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا أَرَاكَ إِلا سَتَلْقَى شَرًّا! هَلْ أَنْتَ إِلا ابْنُ مَسْعُودٍ، عَبْدٌ مِنْ هُذَيْلٍ! فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنِّي لابْنُ مَسْعُودٍ، وَإِنَّكَ لابْنُ حُمَيْنَةَ، فَقَالَ هَاشِمٌ: أَجَلْ وَاللَّهِ انكما لصاحبا رسول الله ص، يُنْظَرُ إِلَيْكُمَا فَطَرَحَ سَعْدٌ عُودًا كَانَ فِي يده- وكان رجلا فيه جده- وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَيْلُكَ! قُلْ خَيْرًا، وَلا تَلْعَنْ، فَقَالَ سَعْدٌ عِنْدَ ذَلِكَ: أَمَا وَاللَّهِ لولا اتِّقَاءُ اللَّهِ لَدَعَوْتُ عَلَيْكَ دَعْوَةً لا تُخْطِئُكَ فَوَلَّى عَبْدُ اللَّهِ سَرِيعًا حَتَّى خَرَجَ.
وَكَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَعْدٍ الْكَلامُ فِي قَرْضٍ أَقْرَضَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَلَمْ يَتَيَسَّرْ عَلَى سَعْدٍ قَضَاؤُهُ، غَضِبَ عَلَيْهِمَا عُثْمَانُ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ سَعْدٍ، وَعَزَلَهُ وَغَضِبَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَأَقَرَّهُ، وَاسْتَعْمَلَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَامِلا لِعُمَرَ عَلَى رَبِيعَةَ بِالْجَزِيرَةِ- فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَتَّخِذْ لِدَارِهِ بَابًا حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ، قَالا:
لَمَّا بَلَغَ عثمان الذي كان بين عبد الله وسعد فِيمَا كَانَ، غَضِبَ عَلَيْهِمَا وَهَمَّ بِهِمَا، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَعَزَلَ سَعْدًا، وَأَخَذَ مَا عَلَيْهِ، وَأَقَرَّ عَبْدَ اللَّهِ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ، وَأَمَّرَ مَكَانَ سَعْدٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَلَى عَرَبِ الْجَزِيرَةِ عَامِلا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- فَقَدِمَ الْوَلِيدُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إِمَارَةِ عُثْمَانَ، وَقَدْ كَانَ سَعْدٌ عَمِلَ عَلَيْهَا سَنَةً وَبَعْضَ أُخْرَى، فَقَدِمَ الْكُوفَةَ، وَكَانَ أَحَبَّ النَّاسِ فِي النَّاسِ وَأَرْفَقَهُمْ بِهِمْ، فَكَانَ كَذَلِكَ خَمْسَ سِنِينَ وَلَيْسَ على داره باب
. سبع وعشرين
ذكر الأحداث المشهورة الَّتِي كَانَتْ فِيهَا
فِمِمَّا كَانَ فِيهَا من ذَلِكَ فتح إفريقية عَلَى يد عَبْد اللَّهِ بن سَعْدِ بْنِ أبي سرح، كذلك حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ ثابت الرازي، قال: حدثنا محدث، عن إسحاق ابن عِيسَى، عن أبي معشر، وَهُوَ قول الْوَاقِدِيّ أَيْضًا.
ذكر الخبر عن فتحها، وعن سبب ولايه عبد الله بن سعد ابن أبي سرح مصر، وعزل عُثْمَان عمرو بن الْعَاصِ عنها:
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عن سيف، عن مُحَمَّد وَطَلْحَة،.
قَالا: مات عمر وعلى مصر عمرو بن الْعَاصِ، وعلى قضائها خارجه بن حذافة السهمي، فولي عُثْمَان، فأقرهما سنتين من إمارته ثم عزل عمرا، واستعمل عبد الله ابن سَعْدِ بْنِ أبي سرح.
وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وَأَبِي عُثْمَانَ، قَالا: لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَقَرَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ لا يَعْزِلُ أَحَدًا إِلا عَنْ شَكَاةٍ أَوِ اسْتِعْفَاءٍ مِنْ غَيْرِ شَكَاةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ مِنْ جُنْدِ مِصْرَ، فَأَمَّرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ عَلَى جُنْدِهِ، وَرَمَاهُ بِالرِّجَالِ، وَسَرَّحَهُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَسَرَّحَ مَعَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ الْحُصَيْنِ الْفِهْرِيَّيْنِ، وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ غَدًا إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خُمُسُ الْخُمُسِ مِنَ الْغَنِيمَةِ نَفْلا.
وَأَمَرَ الْعَبْدَيْنِ عَلَى الْجُنْدِ، وَرَمَاهُمَا بِالرِّجَالِ، وَسَرَّحَهُمَا إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَأَمَرَهُمَا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ بِالاجْتِمَاعِ عَلَى الأجل، ثُمَّ يُقِيمُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ فِي عَمَلِهِ وَيَسِيرَانِ إِلَى عَمَلِهِمَا