(ذكر الخبر عما كَانَ فِيهَا من الأحداث الجليلة) قال أبو جعفر: فمن ذلك ما كان من امر الخوارج وامر المهلب بن ابى ضفره وعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد.
ذكر هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف أن حصيرة بن عبد الله وأبا زهير العبسي حدثاه أن الأزارقة والمهلب بعد ما اقتتلوا بسولاف ثمانية أشهر أشد القتال، أتاهم أن مصعب بن الزبير قد قتل، فبلغ ذلك الخوارج قبل أن يبلغ المهلب وأصحابه، فناداهم الخوارج: ألا تخبروننا ما قولكم في مصعب؟ قالوا: إمام هدى، قالوا: فهو وليكم في الدنيا والآخرة؟ قالوا:
نعم، قالوا: وأنتم أولياؤه أحياء وأمواتا؟ قالوا: ونحن أولياؤه أحياء وأمواتا، قالوا: فما قولكم في عبد الملك بن مروان؟ قالوا: ذلك ابن اللعين، نحن إلى الله منه برآء، هو عندنا أحل دما منكم، قالوا: فأنتم منه برآء في الدنيا والآخرة؟ قالوا: نعم كبراءتنا منكم، قالوا: وأنتم له أعداء أحياء وأمواتا؟
قالوا: نعم نحن له أعداء كعداوتنا لكم، قالوا: فان امامكم مصعبا قد قتله عبد الملك بن مروان، ونراكم ستجعلون غدا عبد الملك إمامكم، وأنتم الآن تتبرءون منه، وتلعنون أباه! قالوا: كذبتم يا أعداء الله فلما كان من الغد تبين لهم قتل مصعب، فبايع المهلب الناس لعبد الملك بن مروان فأتتهم الخوارج فقالوا: ما تقولون في مصعب؟ قالوا: يا أعداء الله، لا نخبركم ما قولنا فيه، وكرهوا أن يكذبوا أنفسهم عندهم، قالوا:
فقد أخبرتمونا أمس أنه وليكم في الدنيا والآخرة، وأنكم أولياؤه أحياء وأمواتا، فأخبرونا ما قولكم في عبد الملك؟ قالوا: ذاك إمامنا وخليفتنا- ولم يجدوا إذ بايعوه بدا من أن يقولوا هذا القول- قالت لهم الأزارقة: يا أعداء الله، أنتم أمس تتبرءون منه في الدنيا والآخرة، وتزعمون انكم له أعداء احياء وأمواتا، وهو اليوم إمامكم وخليفتكم، وقد قتل إمامكم الذي كنتم