فمن ذلك ما كان من هرب يزيد بن المهلب من حبس عمر بن عبد العزيز ذكر الخبر عن سبب هربه منه وكيف كان هربه منه:
ذكر هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف، أن عمر بن عبد العزيز لما كلم في يزيد بن المهلب حين أراد نفيه إلى دهلك، وقيل له: إنا نخشى أن ينتزعه قومه، رده إلى محبسه فلم يزل في محبسه ذلك حتى بلغه مرض عمر، فأخذ يعمل بعد في الهرب من محبسه مخافة يزيد بن عبد الملك، لأنه كان قد عذب أصهاره آل أبي عقيل- كانت أم الحجاج بنت مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَخِي الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ عند يزيد بن عبد الملك، فولدت له الوليد بن يزيد المقتول- فكان يزيد بن عبد الملك قد عاهد الله لئن أمكنه الله من يزيد بن المهلب ليقطعن منه طابقا فكان يخشى ذلك، فبعث يزيد بن المهلب إلى مواليه، فأعدوا له إبلا وكان مرض عمر في دير سمعان، فلما اشتد مرض عمر أمر بإبله فأتي بها، فلما تبين له أنه قد ثقل نزل من محبسه، فخرج حتى مضى إلى المكان الذي واعدهم فيه، فلم يجدهم جاءوا، فجزع اصحابه وضجروا، فقال لأصحابه: اترونني أرجع إلى السجن! لا والله لا أرجع إليه أبدا ثم إن الإبل جاءت، فاحتمل، فخرج ومعه عاتكه امراته ابنه الفرات ابن معاويه العامريه من بنى البكاء في شق المحمل، فمضى.
فلما جاز كتب إلى عمر بن عبد العزيز: أني والله لو علمت أنك تبقى ما خرجت من محبسي، ولكني لم آمن يزيد بن عبد الملك، فقال عمر: اللهم إن كان يزيد يريد بهذه الأمة شرا فاكفهم شره، واردد كيده في نحره ومضى يزيد بن المهلب حتى مر بحدث الزقاق، وفيه الهذيل بن زفر معه قيس،