باليمن حتى ولد له بها، وبلغ ولده ثم هلك كسرى انوشروان، وكان ملكه ثمانيا واربعين سنه
. ذكر ملك هرمز بن كسرى انوشروان
ثم ملك هرمز بن كسرى أنوشروان، وكانت أمه ابنة خاقان الأكبر، فحدثت عن هشام بن مُحَمَّد، قَالَ: كان هرمز بن كسرى هذا كثير الأدب، ذا نية في الإحسان إلى الضعفاء والمساكين، والحمل على الأشراف، فعادوه وأبغضوه، وكان في نفسه عليهم مثل ذلك، ولما عقد التاج على رأسه، اجتمع إليه أشراف أهل مملكته، واجتهدوا في الدعاء له والشكر لوالده، فوعدهم خيرا وكان متحريا للسيرة في رعيته بالعدل، شديدا على العظماء لاستطالتهم كانت على الوضعاء، وبلغ من عدله أنه كان يسير إلى ماه ليصيف، فأمر فنودي في مسيره ذلك في جنده وسائر من كان في عسكره أن يتحاموا مواضع الحروث ولا يضروا بأحد من الدهاقين فيها، ويضبطوا دوابهم عن الفساد فيها، ووكل بتعاهد ما يكون في عسكره من ذلك ومعاقبة من تعدى أمره.
وكان ابنه كسرى في عسكره، فعار مركب من مراكبه ووقع في محرثة من المحارث التي كانت على طريقه فرتع فيها وأفسد منها، فأخذ ذلك المركب، ودفع إلى الرجل الذي وكل هرمز بمعاقبة من أفسد أو دابته شيئا من المحارث وتغريمه فلم يقدر الرجل على انفاذ أمر هرمز في كسرى، ولا في أحد ممن كان معه في حشمه، فرفع ما رأى من إفساد ذلك المركب إلى هرمز، فامر ان يجدع أذنيه، ويبتر ذنبه، ويغرم كسرى، فخرج الرجل من عند هرمز لينفذ أمره في كسرى ومركبه ذلك، فدس له كسرى رهطا من العظماء ليسألوه التغبيب في أمره، فلقوه وكلموه في ذلك فلم يجب إليه، فسألوه أن يؤخر ما أمر به هرمز في المركب حتى يكلموه فيأمر بالكف عنه، ففعل فلقي أولئك الرهط هرمز