فمن ذلك ما كان من امر الوقعه بين اصحاب السلطان وصاحب الشامة.
ذكر الخبر عن هذه الوقعه:
قال ابو جعفر: قد مضى ذكرى شخوص المكتفي من مدينه السلام نحو صاحب الشامة لحربه ومصيره الى الرقة، وبثه جيوشه فيما بين حلب وحمص، وتوليته حرب صاحب الشامة محمد بن سليمان الكاتب وتصييره امر جيشه وقواده اليه، فلما دخلت هذه السنه كتب وزيره القاسم بن عبيد الله الى محمد ابن سليمان وقواد السلطان يأمره وإياهم بمناهضه ذي الشامة واصحابه، فساروا اليه حتى صاروا الى موضع بينهم وبين حماه- فيما قيل- اثنا عشر ميلا، فلقوا به اصحاب القرمطى في يوم الثلاثاء لست خلون من المحرم، وكان القرمطى قدم اصحابه وتخلف هو في جماعه من اصحابه، ومعه مال قد كان جمعه، وجعل السواد وراءه، فالتحمت الحرب بين اصحاب السلطان واصحاب القرمطى، واشتدت، فهزم اصحاب القرمطى، وقتلوا، واسر من رجالهم بشر كثير، وتفرق الباقون في البوادى، وتبعهم اصحاب السلطان ليله الأربعاء لسبع خلون من المحرم فلما راى القرمطى ما نزل باصحابه من الفلول والهزيمة حمل- فيما قيل- أخا له يكنى أبا الفضل مالا، وتقدم اليه ان يلحق بالبوادي الى ان يظهر في موضع، فيصير اليه، وركب هو وابن عمه المسمى المدثر والمطوق صاحبه وغلام له رومي، وأخذ دليلا، وسار يريد الكوفه عرضا في البريه، حتى انتهى الى موضع يعرف بالدالية من اعمال طريق الفرات،