للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر وقعة أجنادين]

رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ وَهُوَ بِالْحِيرَةِ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَمُدَّ أَهْلَ الشَّامِ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُوَّةِ، وَيَخْرُجُ فِيهِمْ، وَيَسْتَخْلِفُ عَلَى ضَعَفَةِ النَّاسِ رَجُلا مِنْهُمْ، فَلَمَّا أَتَى خَالِدًا كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ بِذَلِكَ، قَالَ خَالِدٌ: هَذا عَمَلُ الاعيسر بن أم شمله- يعنى عمر ابن الْخَطَّابِ- حَسَدَنِي أَنْ يَكُونَ فَتْحُ الْعِرَاقِ عَلَى يَدِي فَسَارَ خَالِدٌ بِأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنَ النَّاسِ وَرَدَّ الضُّعَفَاءَ وَالنِّسَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ، مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِيَّ، وَاسْتَخْلَفَ خَالِدٌ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِالْعِرَاقِ مِنْ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِمُ الْمُثَنَّى بْنَ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيَّ ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى عَيْنِ التَّمْرِ، فَأَغَارَ عَلَى أَهْلِهَا، فَأَصَابَ مِنْهُمْ، وَرَابَطَ حِصْنًا بِهَا فِيهِ مُقَاتِلَةٌ كَانَ كِسْرَى وَضَعَهُمْ فِيهِ حَتَّى اسْتَنْزَلَهُمْ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَسَبَى مِنْ عَيْنِ التَّمْرِ وَمِنْ أَبْنَاءِ تِلْكَ الْمُرَابِطَةِ سَبَايَا كَثِيرَةٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ مِنْ تِلْكَ السَّبَايَا أَبُو عَمْرَةَ مَوْلَى شَبَّانَ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ الأَعْلَى بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَوْلَى الْمُعَلَّى، مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى زَهْرَةَ، وَخَيْرٌ مَوْلَى أَبِي دَاوُدَ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ أَحَدُ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، وَيَسَارٌ وَهُوَ جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ مَوْلَى قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأَفْلَحُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ أَحَدُ بنى مالك بن النجار، وحمران ابن أَبَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَقَتَلَ خَالِدُ بن الوليد هلال بن عقه ابن بِشْرٍ النَّمِرِيَّ وَصَلَبَهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ، ثُمَّ أَرَادَ السَّيْرَ مُفَوِّزًا مِنْ قُرَاقِرَ- وَهُوَ مَاءٌ لِكَلْبٍ إِلَى سَوَى، وَهُوَ مَاءٌ لِبَهْرَاءَ بَيْنَهُمَا خَمْسُ لَيَالٍ- فَلَمْ يَهْتَدِ خَالِدٌ الطَّرِيقَ، فَالْتَمَسَ دَلِيلا، فَدُلَّ عَلَى رَافِعِ بْنِ عُمَيْرَةَ الطَّائِيِّ، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: انْطَلِقْ بِالنَّاسِ، فَقَالَ لَهُ رَافِعٌ: إِنَّكَ لَنْ تُطِيقَ ذَلِكَ بِالْخَيْلِ وَالأَثْقَالِ، وَاللَّهِ إِنَّ الرَّاكِبَ الْمُفْرَدَ لَيَخَافَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَمَا يَسْلُكُهَا إِلا مُغَرِّرًا، إِنَّهَا لَخَمْسُ لَيَالٍ جِيَادٍ لا يُصَابُ فِيهَا مَاءٌ مَعَ مَضَلَّتِهَا، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: وَيْحَكَ! إِنَّهُ وَاللَّهِ إِنَّ لِي بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ، إِنَّهُ قَدْ أَتَتْنِي مِنَ الأَمِيرِ عَزْمَةٌ بِذَلِكَ، فَمُرْ بِأَمْرِكَ.

قَالَ: اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْمَاءِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَصُرَّ أُذُنَ نَاقَتِهِ عَلَى مَاءٍ فَلْيَفْعَلْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>