للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسترخ عليه ثيابه، وقد أرخى عنان دابته، فسار ساعة ثم انتبه، فجمع ثيابه وأخذ بعنان دابته، وقال للربيع: ادع الأبرش، فدعي فسار بيني وبين الأبرش، فقال له الأبرش: يا أمير المؤمنين، لقد رأيت منك شيئا غمني، قَالَ: وما هو؟ قَالَ: رأيتك قد خرجت على حال غمني، قَالَ: ويحك يا أبرش! وكيف لا أغتم وقد زعم أهل العلم أني ميت إلى ثلاثة وثلاثين يوما! قَالَ سالم: فرجعت إلى منزلي، فكتبت في قرطاس: زعم أمير المؤمنين يوم كذا وكذا أنه يسافر إلى ثلاثة وثلاثين يوما فلما كان في الليلة التي استكمل فيها ثلاثة وثلاثين يوما إذا خادم يدق الباب يقول: أجب أمير المؤمنين، واحمل معك دواء الذبحة- وقد كان أخذه مرة فتعالج فأفاق- فخرجت ومعي الدواء فتغرغر به، فازداد الوجع شدة، ثم سكن فقال لي: يا سالم، قد سكن بعض ما كنت أجد، فانصرف إلى أهلك، وخلف الدواء عندي فانصرفت، فما كان إلا ساعة حتى سمعت الصراخ عليه، فقالوا: مات أمير المؤمنين! فلما مات أغلق الخزان الأبواب، فطلبوا قمقما يسخن فيه الماء لغسله، فما وجدوه حتى استعاروا قمقما من بعض الجيران، فقال بعض من حضر ذلك: إن في هذا لمعتبرا لمن اعتبر وكانت وفاته بالذبحة، فلما مات صلى عليه ابنه مسلمة بْن هشام.

[ذكر بعض سير هشام]

حدثني أحمد بْن زهير، قَالَ: حدثني علي بْن محمد، عن وسنان الأعرجي، قَالَ: حدثني ابن أبي نحيلة، عن عقال بْن شبة، قَالَ:

دخلت على هشام، وعليه قباء فنك أخضر، فوجهني إلى خراسان، وجعل يوصيني وأنا أنظر إلى القباء، ففطن، فقال: ما لك؟ قلت: رأيت عليك قبل أن تلي الخلافة قباء فنك أخضر، فجعلت أتأمل هذا، أهو ذاك أم غيره.

فقال: هو والله الذي لا إله إلا، هو ذاك، ما لي قباء غيره وأما ما ترون من جمعي هذا المال وصونه فإنه لكم قَالَ: وكان عقال مع

<<  <  ج: ص:  >  >>