للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنه احدى وثلاثمائة]

قدم فيها على بن عيسى من مكة، فقلده المقتدر وزارته وخلع عليه، وسلم الخاقانى اليه، فصادره وأسبابه مصادره قريبه، وصان حرم الخاقانى.

واعتمد على على بن عيسى لما اشتهر عنه من افاضه المعروف وعماره الثغور والجوامع والمارستانات في سائر الأوقات، ورد المظالم بها، وكتب في ذلك كتابا اوله:

بسم الله الرحمن الرحيم، سبيل ما يرفعه إليك كل واحد من المتظلمين قبل النوروز من مظلمته، ويدعى انه تلف بالآفة من غلته، ان تعتمد في كشف حاله على اوثق ثقاتك، واصدق كفاتك حتى يصح لك امره، فتزيل الظلم عنه، وترفعه، وتضع الإنصاف موضعه، وتحتسب من المظالم بما يوجب الوقوف عليه حسبه، وتستوفى الخراج بعده، من غير محاباه للاقوياء، ولا حيف على الضعفاء واعمل بما رسم لك ما يظهر ويذيع ويشتهر ويشيع، ويكون العدل به على الرعية كاملا، وللانصاف شاملا ان شاء الله.

وساس على بن عيسى الدنيا السياسة المشهوره، التي عمرت البلاد، حتى قال له ابن الفرات لما ناظره: قد اسقطت من مال امير المؤمنين خمسمائة الف دينار في السنه، فقال: لم استكثر هذا المقدار في جنب ما حططته عن امير المؤمنين من الأوزار، لأنني حططت المكس بمكة، والتكمله بفارس، وجبايه الخمور بديار ربيعه، ولكن انظر الى نفقاتى ونفقاتك، وضياعي وضياعك فاسكته.

وزادت في ايامه العمارة وتضاعف الزراعة، حين كتب اليه عامله: ان قوما يبادوريا لا يؤدون الخراج، فان امرت عاقبناهم، فكتب اليه: ان الخراج دين، ولا يجب فيمن امتنع عن أداء الدين غير الملازمة، فلا تتعد ذاك الى غيره والسلام.

ومما استحسن من افعال الخاقانى بعد عزله، ان قوما زوروا عليه باطلاقات ومسامحات، فانفذ بها على بن عيسى يسأله عنها ليمضى منها ما اعترف به، فصادفه

<<  <  ج: ص:  >  >>