الأبناوي بهمذان، تخوف أن يثب به كثير بن قادره- وهو بقزوين عامل من عمال محمد- في جيش كثيف إن هو خلفه وراء ظهره، فلما قرب طاهر من همذان أمر أصحابه بالنزول فنزلوا ثم ركب في ألف فارس وألف راجل، ثم قصد قصد كثير بْن قادرة، فلما قرب منه هرب كثير وأصحابه، وأخلى قزوين، وجعل طاهر فيها جندا كثيفا، وولاها رجلا من أصحابه، وأمر أن يحارب من أراد دخولها من اصحاب عبد الرحمن الابناوى وغيرهم.
[ذكر قتل عبد الرحمن بن جبله الابناوى]
وفي هذه السنة قتل عبد الرحمن بْن جبلة الأبناوي بأسداباذ.
ذكر الخبر عن مقتله:
ذكر عبد الرحمن بْن صالح أن محمدا المخلوع لما وجه عبد الرحمن الأبناوي إلى همذان، أتبعه بابني الحرشي: عبد الله وأحمد، في خيل عظيمة من أهل بغداد، وأمرهما أن ينزلا قصر اللصوص، وأن يسمعا ويطيعا لعبد الرحمن، ويكونا مددا له إن احتاج إلى عونهما فلما خرج عبد الرحمن إلى طاهر في الأمان أقام عبد الرحمن يري طاهرا وأصحابه أنه له مسالم، راض بعهودهم وأيمانهم، ثم اغترهم وهم آمنون فركب في أصحابه، فلم يشعر طاهر وأصحابه حتى هجموا عليهم، فوضعوا فيهم السيوف، فثبت لهم رجاله أصحاب طاهر بالسيوف والتراس والنشاب، وجثوا على الركب، فقاتلوه كأشد ما يكون من القتال، ودافعهم الرجال إلى أن أخذت الفرسان عدتها وأهبتها، وصدقوهم القتال، فاقتتلوا قتالا منكرا، حتى تقطعت السيوف، وتقصفت الرماح ثم إن أصحاب عبد الرحمن هربوا، وترجل هو في ناس من أصحابه، فقاتل حتى قتل، فجعل أصحابه يقولون له: قد أمكنك الهرب فاهرب، فإن القوم قد كلوا من القتال، وأتعبتهم الحرب، وليس بهم حراك ولا قوة على الطلب، فيقول: لا أرجع أبدا، ولا يرى أمير المؤمنين وجهي منهزما وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة، واستبيح عسكره، وانتهى من أفلت من أصحابه إلى عسكر عبد الله وأحمد ابني الحرشي، فدخلهم الوهن والفشل، وامتلأت