وحدثني أحمد بن يحيى النحوي- وكان يؤدب ولد ابن طاهر- أن محمد بن عبد الله لم يزل جادا في نصرة المستعين حتى أحفظه عبيد الله بن يحيى ابن خاقان، فقال له: أطال الله بقاءك! إن هذا الذي تنصره وتجد في أمره من أشد الناس نفاقا، وأخبثهم دينا، والله لقد أمر وصيفا وبغا بقتلك، فاستعظما ذلك ولم يفعلاه، وإن كنت شاكا فيما وصفت من أمره، فسل تخبره، وإن من ظاهر نفاقه أنه كان وهو بسامرا لا يجهر في صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم، فلما صار إلى ما قبلك، جهر بها مراءاة لك، وتترك نصرة وليك وصهرك وتربيتك، ونحو ذلك من كلام كلمه به، فقال محمد بن عبد الله: أخزى الله هذا، لا يصلح لدين ولا دنيا، قال: وكان أول من تقدم على صرف محمد بن عبد الله عن الجد في أمر المستعين عبيد الله بن يحيى في هذا المجلس، ثم ظاهر عبيد الله بن يحيى على ذلك أحمد بن إسرائيل والحسن بن مخلد، فلم يزالوا به حتى صرفوه عما كان عليه من الرأي في نصرة المستعين.
وفي يوم الأضحى من هذه السنة صلى بالناس المستعين صلاة الأضحى في الجزيرة التي بحذاء دار ابن طاهر، وركب وبين يديه عبيد الله بن عبد الله، معه الحربة التي لسليمان، وبيد الحسين بن إسماعيل حربة السلطان، وبغا ووصيف يكنفانه، ولم يركب محمد بن عبد الله بن طاهر، وصلى عبد الله ابن إسحاق في الرصافه.
[ذكر بدء المفاوضه في امر خلع المستعين]
وفي يوم الخميس ركب محمد بن عبد الله إلى المستعين، وحضره عدة من الفقهاء والقضاة، فذكر أنه قال للمستعين: قد كنت فارقتني على ان