وحوله ناشبة رجالة، فلما خرج من داره وقف للناس، فعاتبهم وحلف أنه ما أضمر لأمير المؤمنين- أعزه الله- ولا لولي له ولا لأحد من الناس سوءا، وأنه ما يريد إلا إصلاح أحوالهم، وما تدوم به النعمة عليهم، وأنهم قد توهموا عليه ما لا يعرفه، حتى أبكى الناس فدعا له من حضر، وعبر الجسر، وصار إلى المستعين، وبعث فأحضر جيرانه ووجوه أهل الأرباض من الجانب الغربي، فخاطبهم بكلام عاتبهم فيه، واعتذر إليهم مما بلغهم، ووجه وصيف وبغا من طاف على أبواب بغداد، ووكلا صالح بن وصيف بباب الشماسية.
وذكر أن المستعين كان كارها لنقله عن دار محمد، ولكنه انتقل عنها من أجل أن الناس ركبوا الزواريق بالنفاطين ليضربوا روشن ابن طاهر بالنار لما صعب عليهم فتح بابه يوم الجمعة.
وذكر أن قوما منهم كنجور، وقفوا بباب الشماسية من قبل أبي أحمد، فطلبوا ابن طاهر ليكلموه، فكتب إلى وصيف يعلمه خبر القوم، ويسأله أن يعلم المستعين ذلك ليأمر فيه بما يرى، فرد المستعين الأمر في ذلك إليه، وأن التدبير في جميع ذلك مردود إليه، فيتقدم في ذلك بما رأى وذكر أن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم كلم محمد بن عبد الله في ذلك بكلام غليظ، فوثب عليه محمد بن أبي عون فأسمعه وتناوله.
وذكر عن سعيد بن حميد أن أحمد بن إسرائيل والحسن بن مخلد وعبيد الله بن يحيى خلوا بابن طاهر، فما زالوا يفتلونه في الذروة والغارب، ويشيرون عليه بالصلح، وأنه ربما كان عنده قوم فأجروا الكلام في خلاف الصلح، فيكشر في وجوههم، ويعرض عنهم، فإذا حضر هؤلاء الثلاثة أقبل عليهم وحادثهم وشاورهم.
وذكر عن بعضهم أنه قال: قلت لسعيد بن حميد يوما: ما ينبغي إلا أن يكون قد كان انطوى على المداهنة في أول أمره، قال: وددت أنه كان كذلك، لا والله ما هو إلا أن هزم أصحابه من المدائن والأنبار حتى