(ذكر الخبر عما كَانَ فِيهَا من الأحداث) فمن ذلك دخول المتوكل دمشق في صفر، وكان من لدن شخص من سامرا إلى أن دخلها سبعة وتسعون يوما- وقيل سبعة وسبعون يوما- وعزم على المقام بها، ونقل دواوين الملك إليها، وأمر بالبناء بها فتحرك الأتراك في أرزاقهم وأرزاق عيالاتهم، فأمر لهم بما أرضاهم به ثم استوبأ البلد، وذلك أن الهواء بها بارد ندي والماء ثقيل، والريح تهب فيها مع العصر، فلا تزال تشتد حتى يمضي عامة الليل، وهي كثيرة البراغيث، وغلت فيها الأسعار، وحال الثلج بين السابلة والميرة.
وفيها وجه المتوكل بغا من دمشق لغزو الروم في شهر ربيع الآخر، فغزا الصائفة فافتتح صملة، وأقام المتوكل بدمشق شهرين وأياما، ثم رجع إلى سامرا، فأخذ في منصرفه على الفرات، ثم عدل إلى الأنبار، ثم عدل من الأنبار على طريق الحرف إليها، فدخلها يوم الاثنين لسبع بقين من جمادى الآخرة.
وفيها عقد المتوكل لأبي الساج على طريق مكة مكان جعفر بن دينار- فيما زعم بعضهم- والصواب عندي أنه عقد له على طريق مكة في سنة ثنتين وأربعين ومائتين.
وفيها أتي المتوكل- فيما ذكر- بحربة كانت للنبي ص تسمى العنزة، ذكر أنها كانت للنجاشي ملك الحبشة، فوهبها للزبير بن العوام، فأهداها الزبير لرسول الله ص، فكانت عند المؤذنين، وكان يمشى بها بين يدي رسول الله ص في العيدين، وكانت