فَزَهِدَ فِيهِ أُبَيٌّ وَرَغِبَ مَطَرٌ فِي فِدَائِهِ، فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنَّ سَلْبَهُ لأُبَيٍّ، وَأَنَّ إِسَارَهُ لِمَطَرٍ، فَلَمَّا خَلَصَ مَطَرٌ بِهِ، قَالَ: إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الْعَرَبِ أَهْلُ وَفَاءٍ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تؤمننى وَأُعْطِيكَ غُلامَيْنِ أَمْرَدَيْنِ خَفِيفَيْنِ فِي عَمَلِكَ وَكَذَا وَكَذَا! قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَدْخِلْنِي عَلَى مَلِكِكُمْ، حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ بِمَشْهَدٍ مِنْهُ، فَفَعَلَ فَأَدْخَلَهُ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ، فَتَمَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَجَازَ أَبُو عُبَيْدٍ، فَقَامَ أُبَيٌّ وَأُنَاسٌ مِنْ رَبِيعَةَ، فَأَمَّا أُبَيٌّ فَقَالَ: أَسَرْتُهُ أَنَا وَهُوَ عَلَى غَيْرِ أَمَانٍ، وَأَمَّا الآخَرُونَ فَعَرَفُوهُ، وَقَالُوا: هَذَا الْمَلِكُ جَابَانُ، وَهُوَ الَّذِي لَقِيَنَا بِهَذَا الْجَمْعِ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنِي فَاعِلا مَعَاشِرَ رَبِيعَةَ؟ أَيُؤَمِّنُهُ صَاحِبُكُمْ وَأَقْتُلُهُ أَنَا! مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ! وَقَسَّمَ أَبُو عُبَيْدٍ الْغَنَائِمَ، وَكَانَ فِيهَا عِطْرٌ كَثِيرٌ وَنَفَلَ، وَبَعَثَ بِالأَخْمَاسِ مَعَ الْقَاسِمِ
. السقاطية بكسكر
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَزِيَادٍ، قَالُوا: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ حِينَ انْهَزَمُوا وَأَخَذُوا نَحْوَ كَسْكَرَ لِيَلْجَئُوا إِلَى نَرْسِيٍّ- وَكَانَ نَرْسِيٌّ ابْنَ خَالَةِ كِسْرَى، وَكَانَتْ كَسْكَرُ قَطِيعَةً لَهُ، وَكَانَ النَّرْسِيَّانِ لَهُ، يَحْمِيهِ لا يَأْكُلُهُ بَشَرٌ، وَلا يَغْرِسُهُ غَيْرُهُمْ أَوْ ملك فَارِسَ إِلا مَنْ أَكْرَمُوهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ مَذْكُورًا مِنْ فِعْلِهِمْ فِي النَّاسِ، وَأَنَّ ثَمَرَهُمْ هَذَا حِمًى، فَقَالَ لَهُ رُسْتُمُ وبورانُ: اشْخُصْ إِلَى قَطِيعَتِكَ فَاحْمِهَا مِنْ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنَا وَكُنْ رَجُلا، فَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ النَّمَارِقِ، وَوُجِّهَتِ الْفَالَةُ نَحْوَ نَرْسِيٍّ- وَنَرْسِيٌّ فِي عَسْكَرِهِ- نَادَى أَبُو عُبَيْدٍ بِالرَّحِيلِ، وَقَالَ لِلْمُجَرَّدَةِ: أَتْبِعُوهُمْ حَتَّى تُدْخِلُوهُمْ عَسْكَرَ نَرْسِيٍّ، أَوْ تُبِيدُوهُمْ فِيمَا بَيْنَ النَّمَارِقِ إِلَى بَارِقٍ إِلى دُرْتَا وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ:
لَعَمْرِي وَمَا عَمْرِي عَلَيَّ بِهَيِّنٍ ... لَقَدْ صُبِّحَتْ بِالْخِزْيِ أَهْلُ النَّمَارِقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute