فمن ذلك قدوم الأفشين على المعتصم ببابك وأخيه، ذكر أن قدومه عليه به كان ليلة الخميس لثلاث خلون من صفر بسامرا، وأن المعتصم كان يوجه إلى الأفشين كل يوم من حين فصل من برزند إلى أن وافى سامرا فرسا وخلعة، وأن المعتصم لعنايته بأمر بابك وأخباره ولفساد الطريق بالثلج وغيره، جعل من سامرا إلى عقبة حلوان خيلا مضمرة، على رأس كل فرسخ فرسا معه مجر مرتب، فكان يركض بالخبر ركضا حتى يؤديه من واحد إلى واحد، يدا بيد، وكان ما خلف حلوان إلى أذربيجان قد رتبوا فيه المرج، فكان يركض بها يوما أو يومين ثم تبدل ويصير غيرها، ويحمل عليها غلمان من أصحاب المرج كل دابة على رأس فرسخ، وجعل لهم ديادبة على رءوس الجبال بالليل والنهار، وأمرهم أن ينعروا إذا جاءهم الخبر، فإذا سمع الذي يليه النعير تهيأ فلا يبلغ إليه صاحبه الذي نعر حتى يقف له على الطريق، فيأخذ الخريطة منه، فكانت الخريطة تصل من عسكر الأفشين إلى سامرا في أربعة ايام وأقل، فلما صار الأفشين بقناطر حذيفة تلقاه هارون بن المعتصم وأهل بيت المعتصم، فلما صار الأفشين ببابك إلى سامرا أنزله الأفشين في قصره بالمطيرة، فلما كان في جوف الليل ذهب أحمد بن أبي دواد متنكرا، فرآه وكلمه، ثم رجع إلى المعتصم، فوصفه له، فلم يصبر المعتصم حتى ركب إليه بين الحائطين في الحير، فدخل إليه متنكرا، ونظر إليه وتأمله، وبابك لا يعرفه، فلما كان من غد قعد له المعتصم يوم اثنين أو خميس، واصطف الناس من باب العامة إلى المطيرة، وأراد المعتصم أن يشهره ويريه الناس، فقال: على أي