قالوا: ولما فرغ خالد من عين التمر خلف فيها عويم بْن الكاهل الأسلمي، وخرج في تعبيته التي دخل فيها العين، ولما بلغ أهل دومة مسير خالد إليهم بعثوا إلى أحزابهم من بهراء وكلب وغسان وتنوخ والضجاعم، وقبل ما قد أتاهم وديعة في كلب وبهراء، ومسانده ابن وبرة بْن رومانس، وأتاهم ابن الحدرجان في الضجاعم، وابن الأيهم في طوائف من غسان وتنوخ، فأشجوا عياضا وشجوا به.
فلما بلغهم دنو خالد، وهم على رئيسين: أكيدر بْن عبد الملك والجودي ابن ربيعة، اختلفوا، فقال أكيدر: أنا أعلم الناس بخالد، لا أحد أيمن طائرا منه، ولا أحد في حرب، ولا يرى وجه خالد قوم أبدا قلوا أو كثروا إلا انهزموا عنه، فأطيعوني وصالحوا القوم فأبوا عليه، فقال: لن أمالئكم على حرب خالد، فشأنكم.
فخرج لطيته، وبلغ ذلك خالدا، فبعث عاصم بْن عمرو معارضا له، فأخذه فقال: إنما تلقبت الأمير خالدا، فلما أتى به خالدا أمر به فضربت عنقه، وأخذ ما كان معه من شيء، ومضى خالد حتى ينزل على أهل دومة، وعليهم الجودي بْن ربيعة، ووديعة الكلبي، وابن رومانس الكلبي، وابن الأيهم وابن الحدرجان، فجعل خالد دومة بين عسكره وعسكر عياض، وكان النصارى الذين أمدوا أهل دومة من العرب محيطين بحصن دومة، لم يحملهم الحصن، فلما اطمأن خالد خرج الجودي، فنهض بوديعة فزحفا لخالد، وخرج ابن الحدرجان وابن الأيهم إلى عياض، فاقتتلوا، فهزم اللَّه الجودي ووديعة علي يدي خالد، وهزم عياض من يليه، وركبهم المسلمون، فأما خالد فإنه أخذ الجودي أخذا، وأخذ الأقرع بْن حابس وديعة، وأرز بقية الناس إلى الحصن، فلم يحملهم، فلما امتلأ الحصن، أغلق من في الحصن الحصن دون أصحابهم، فبقوا حوله حرداء، وقال عاصم بْن عمرو: يا بني تميم، حلفاؤكم كلب، آسوهم واجيروهم،