للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنكم لا تقدرون لهم على مثلها، ففعلوا وكان سبب نجاتهم يومئذ وصية عاصم بني تميم بهم، وأقبل خالد على الذين أرزوا إلى الحصن فقتلهم حتى سد بهم باب الحصن، ودعا خالد بالجودي فضرب عنقه، ودعا بالأسرى فضرب أعناقهم إلا أسارى كلب، فإن عاصما والأقرع وبني تميم قالوا: قد آمناهم، فأطلقهم لهم خالد، وقال: ما لي ولكم! أتحفظون أمر الجاهلية وتضيعون أمر الإسلام! فقال له عاصم: لا تحسدهم العافية، ولا يحوزهم الشيطان ثم أطاف خالد بالباب، فلم يزل عنه حتى اقتلعه، واقتحموا عليهم، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الشرخ، فأقاموهم فيمن يزيد، فاشترى خالد ابنة الجودي وكانت موصوفة، وأقام خالد بدومة ورد الأقرع إلى الأنبار.

ولما رجع خالد إلى الحيرة- وكان منها قريبا حيث يصبحها- أخذ القعقاع أهل الحيرة بالتقليس، فخرجوا يتلقونه وهم يقلسون، وجعل بعضهم يقول لبعض: مروا بنا فهذا فرج الشر! كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَالْمُهَلَّبِ، قَالُوا: وَقَدْ كَانَ خَالِدٌ أَقَامَ بِدومَةَ، فَظَنَّ الأَعَاجِمُ بِهِ، وَكَاتَبَهُمْ عَرَبُ الْجَزِيرَةِ غَضَبًا لِعَقَّةَ، فَخَرَجَ، زرمهرُ مِنْ بَغْدَادَ وَمَعَهُ رَوْزبَهْ يُرِيدَانِ الأَنْبَارَ، وَاتَّعَدَا حَصِيدًا وَالْخَنَافِسَ، فَكَتَبَ الزِّبْرِقَانُ وَهُوَ عَلَى الأَنْبَارِ إِلَى الْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةُ خَالِدٍ عَلَى الْحِيرَةِ، فَبَعَثَ الْقَعْقَاعُ أَعْبَدَ بْنَ فَدكيٍّ السَّعْدِيَّ وَأَمَرَهُ بِالْحَصِيدِ، وَبَعَثَ عُرْوَةَ بْنَ الْجَعْدِ الْبَارِقِيَّ وَأَمَرَهُ بِالْخَنَافِسِ، وَقَالَ لَهُمَا: إِنْ رَأَيْتُمَا مقدما فَأَقْدِمَا فَخَرَجَا فَحَالا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الرِّيفِ، وَأَغْلَقَاهُمَا، وَانْتَظَرَ رُوزْبَهْ وزرمهرُ بِالْمُسْلِمِينَ اجْتِمَاعَ مَنْ كَاتَبَهُمَا مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ كَانُوا تَكَاتَبُوا وَاتَّعَدُوا، فَلَمَّا رَجَعَ خَالِدٌ مِنْ دُومَةَ إِلَى الْحِيرَةِ عَلَى الظهرِ وَبَلَغَهُ ذَلِكَ وَقَدْ عَزَمَ عَلَى مُصَادَمَةِ أَهْلِ الْمَدَائِنِ، كَرِهَ خِلافَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَعَجَلَ الْقَعْقَاعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>