وهو محمد بن احمد المعتضد بن طلحه الموفق بن جعفر المتوكل، وكنيه محمد القاهر ابو منصور، وكانت أمه تسمى بقبول، وبويع بالخلافة يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال سنه عشرين وثلاثمائة، وهو ابن خمس وثلاثين سنه، وذلك انه لما احضر من دار عبد الله بن طاهر التي كان فيها مع اولاد الخلفاء، ودار بينه وبين مؤنس المظفر ما تقدم ذكره من الشروط، وتم الأمر بينهم، انحدروا به الى دار الخلافه، في اليوم المؤرخ، فلما دخلها دعا بحصير فصلى اربع ركعات، وجلس على سرير الملك.
ولقب القاهر بالله.
وحضر عبيد الله بن محمد الكلواذى فاستخلفه على الوزارة لمحمد بن على بن مقله إذ كان غائبا بفارس وامر بان تكتب الكتب الى العمال باسم ابن مقله، وولى الحجابه على بن يلبق، ولم يمكنه الحضور لجراح كانت به، فخلف على الحجابه بدر الخرشنى، وقلد احمد بن خاقان شرطه الجانبين.
ولما كان يوم الاثنين لليلتين خلتا من ذي القعده، بعث القاهر في اولاد المتوكل على الله وغيرهم من أبناء الخلفاء وأبناء ابنائهم، فاوصلهم اليه واستدناهم، وامرهم بالجلوس، وأخذ عليهم الكلواذى البيعه، وخاطبه هارون بن عبد العزيز بن المعتمد بعد ان صافحه وهناه ودعا له، فقال: قد نالت يا امير المؤمنين اهلك جفوه اضرت بهم واثرت في أحوالهم، وليس يسألون اقطاعا ورد ضيعه، وأحوالهم تصلح بادرار أرزاقهم، فقال: انا آمر بادرارها، ولا اقنع لكم بها، وقد كان يتصل بي من امركم ما يغمنى، فشكرته العامه على هذا القول، وتكلم منهم ابو عبد الله محمد بن المنتصر ودعوا له جميعا.
ثم ان القاهر اظهر في أول قعوده في الخلافه من الجد وبعد الهمه والاختصار والقناعه ما هابه به الناس، واراد قطع ثوب يلبسه، فحمل اليه من داره، فقيل له:
لو اخذلك ثوب من خزانه الكسوة، فقال: لا تمسوا لهم شيئا، وعرضت عليه صنوف