وفي هذه السنة حبس المعتصم العباس بن المأمون وأمر بلعنه.
ذكر الخبر عن سبب فعله ذلك:
ذكر أن السبب كان في ذلك أن عجيف بن عنبسة حين وجهه المعتصم إلى بلاد الروم، لما كان من أمر ملك الروم بزبطرة مع عمرو بن أربخا الفرغاني ومحمد كوته، لم يطلق يد عجيف في النفقات كما أطلقت يد الأفشين، واستقصر المعتصم أمر عجيف وأفعاله، واستبان ذلك لعجيف، فوبخ عجيف العباس على ما تقدم من فعله عند وفاة المأمون حين بايع أبا إسحاق وعلى تفريطه فيما فعل، وشجعه على أن يتلافى ما كان منه.
فقبل العباس ذلك، ودس رجلا يقال له الحارث السمرقندي، قرابة عبيد الله بن الوضاح- وكان العباس يأنس به، وكان الحارث رجلا أديبا له عقل ومداراة- فصيره العباس رسوله وسفيره إلى القواد، فكان يدور في العسكر حتى تألف له جماعة من القواد، وبايعوه وبايعه منهم خواص، وسمى لكل رجل من قواد المعتصم رجلا من ثقات أصحابه ممن بايعه، ووكله بذلك، وقال: إذا أمرنا بذلك، فليثب كل رجل منكم على من ضمناه أن يقتله، فضمنوا له ذلك، فكان يقول للرجل ممن بايعه: عليك يا فلان أن تقتل فلانا، فيقول: نعم، فوكل من بايعه من خاصة المعتصم بالمعتصم ومن خاصة الأفشين بالأفشين، ومن خاصه اشناس باشناس، ممن بايعه من