فمما كان فيها من ذلك قدوم المنصور أبي جعفر من مكة ونزوله الحيرة، فوجد عيسى بْن موسى قد شخص إلى الأنبار، واستخلف على الكوفه طلحه ابن إسحاق بْن محمد بْن الأشعث، فدخل أبو جعفر الكوفة فصلى بأهلها الجمعة يوم الجمعة، وخطبهم وأعلمهم أنه راحل عنهم، ووافاه أبو مسلم بالحيرة، ثم شخص أبو جعفر إلى الأنبار وأقام بها، وجمع إليه أطرافه.
وذكر علي بْن محمد عن الوليد، عن أبيه، أن عيسى بْن موسى كان قد أحرز بيوت الأموال والخزائن والدواوين، حتى قدم عليه أبو جعفر الأنبار، فبايع الناس له بالخلافة، ثم لعيسى بْن موسى من بعده، فسلم عيسى بْن موسى إلى أبي جعفر الأمر، وقد كان عيسى بْن موسى بعث أبا غسان- واسمه يزيد بْن زياد، وهو حاجب أبي العباس- إلى عبد الله بْن علي ببيعه ابى جعفر، ذلك بأمر أبي العباس قبل أن يموت حين أمر الناس بالبيعة لأبي جعفر من بعده فقدم أبو غسان على عبد الله بْن على بأفواه الدروب متوجها يريد والروم، فلما قدم عليه أبو غسان بوفاة أبي العباس وهو نازل بموضع يقال له دلوك، أمر مناديا فنادى: الصلاة جامعة فاجتمع إليه القواد والجند، فقرأ عليهم الكتاب بوفاة أبي العباس، ودعا الناس إلى نفسه، وأخبرهم أن أبا العباس حين أراد أن يوجه الجنود إلى مروان بْن محمد دعا بني أبيه، فأرادهم على المسير إلى مروان بْن محمد، وقال: من انتدب منكم فسار إليه فهو ولي عهدي، فلم ينتدب له غيري، فعلى هذا خرجت من عنده، وقتلت.
من قتلت فقام أبو غانم الطائي وخفاف المروروذي في عدة من قواد أهل خراسان فشهدوا له بذلك، فبايعه أبو غانم وخفاف وأبو الأصبغ وجميع من كان معه