(ذكر الخبر عن الأحداث الَّتِي كَانَتْ فِيهَا) فمن ذَلِكَ مَا كَانَ من إخراج أهل الْمَدِينَة عامل يَزِيد بن مُعَاوِيَة عُثْمَان بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وإظهارهم خلع يَزِيد بن مُعَاوِيَة، وحصارهم من كَانَ بِهَا من بني أُمَيَّة، ذكر هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن حبيب بن كرة، أن أهل الْمَدِينَة لما بايعوا عَبْد اللَّهِ بن حنظلة الغسيل عَلَى خلع يَزِيد بن مُعَاوِيَة، وثبوا على عثمان ابن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ومن بِالْمَدِينَةِ من بنى اميه ومواليهم ومن رَأَى رأيهم من قريش، فكانوا نحوا من الف رجل، فخرجوا بجماعتهم حَتَّى نزلوا دار مَرْوَان بن الحكم، فحاصرهم الناس فِيهَا حصارا ضعيفا قَالَ: فدعت بنو أُمَيَّة حبيب بن كرة، وَكَانَ الَّذِي بعث إِلَيْهِ مِنْهُمْ مَرْوَان بن الحكم وعمرو ابن عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، وَكَانَ مَرْوَان هُوَ يدبر أمرهم فأما عُثْمَان بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فإنما كَانَ غلاما حدثا لَمْ يَكُنْ لَهُ رأي قَالَ عَبْد الْمَلِكِ بن نوفل: فَحَدَّثَنِي حبيب بن كرة، قَالَ: كنت مع مَرْوَان، فكتب معي هُوَ وجماعة من بني أُمَيَّة كتابا إِلَى يَزِيد بن مُعَاوِيَة، فأخذ الكتاب عَبْد الْمَلِكِ بن مَرْوَان حَتَّى خرج معي إِلَى ثنية الوداع، فدفع إلي الكتاب وَقَالَ: قَدْ أجلتك اثنتي عشرة ليلة ذاهبا واثنتي عشرة ليلة مقبلا، فوافني لأربع وعشرين ليلة فِي هَذَا المكان تجدني إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الساعة جالسا أنتظرك وَكَانَ الكتاب:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: أَمَّا بَعْدُ، فإنه قَدْ حصرنا فِي دار مَرْوَان بن الحكم، ومنعنا العذب، ورمينا بالجبوب، فيا غوثاه يَا غوثاه! قَالَ: فأخذت الكتاب ومضيت بِهِ حَتَّى قدمت عَلَى يَزِيد وَهُوَ جالس عَلَى كرسي، واضع قدميه فِي ماء طست من وجع كَانَ يجده فيهما- ويقال: كَانَ بِهِ النقرس- فقرأه ثُمَّ قَالَ فِيمَا بلغنا متمثلا: