قَالَ: فلما خرجت لحقني عيسى بْن موسى- أو موسى بْن عيسى- فقال: أردت والله أن أبعث إليك، أن أمير المؤمنين التفت إلينا بعد خروجك، فقال: من عنده علم من آل زياد؟ فو الله ما كان عند أحد منا من ذاك شيء، فما عندك يا أبا عبد الله؟ فما زلت أحدثه في زياد وآل زياد حتى صرنا إلى منزله بباب المحول، فقال: أسألك بالله والرحم لما كتبت لي هذا كله حتى أروح به إلى أمير المؤمنين، وأخبره عنك فانصرفت فكتبت، وبعثت به إليه فراح إلى المهدي، فأخبره، فأمر المهدي بالكتاب إلى هارون الرشيد، وكان والي البصرة من قبله يأمره أن يكتب إلى واليها يأمره أن يخرج آل زياد من قريش وديوانهم والعرب، وأن يعرض ولد أبي بكرة على ولاء رسول الله ص، فمن أقر منهم ترك ماله في يده، ومن انتمى إلى ثقيف اصطفى ماله.
فعرضهم، فأقروا جميعا بالولاء، إلا ثلاثة نفر، فاصطفيت أموالهم.
ثم إن آل زياد بعد ذاك رشوا صاحب الديوان حتى ردهم إلى ما كانوا عليه، فقال خالد النجار في ذلك:
إن زيادا ونافعا وأبا ... بكرة عندي من أعجب العجب
ذا قرشي كما يقول، وذا ... مولى، وهذا- بزعمه- عربي
نسخة كتاب المهدي إلى والي البصرة في رد آل زياد إلى نسبهم
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإن أحق ما حمل عليه ولاة المسلمين أنفسهم وخواصهم وعوامهم في أمورهم وأحكامهم، العمل بينهم بما في كتاب الله والاتباع لسنه رسول الله ص، والصبر على ذلك، والمواظبة عليه، والرضا به فيما وافقهم وخالفهم، للذي فيه من إقامة حدود الله ومعرفة حقوقه، واتباع مرضاته، وإحراز جزائه وحسن ثوابه، ولما في مخالفة ذلك والصدود عنه وغلبة الهوى لغيره من الضلال والخسار في الدنيا والآخرة.
وقد كان من رأي معاوية بْن أبي سفيان في استلحاقه زياد بْن عبيد عبد آل علاج من ثقيف، وادعائه ما أباه بعد معاوية عامة المسلمين وكثير