منهم في زمانه، لعلمهم بزياد وأبي زياد وأمه من اهل الرضا والفضل والورع والعلم، ولم يدع معاوية إلى ذلك ورع ولا هدى، ولا اتباع سنة هادية، ولا قدوة من أئمة الحق ماضية، إلا الرغبة في هلاك دينه وآخرته، والتصميم على مخالفة الكتاب والسنة والعجب بزياد في جلده ونفاذه، وما رجا من معونته وموازرته إياه على باطل ما كان يركن إليه في سيرته وآثاره وأعماله الخبيثة.
[وقد قَالَ رسول الله ص: الولد للفراش وللعاهر الحجر،][وقال:
من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه لا صرفا ولا عدلا] .
ولعمري ما ولد زياد في حجر أبي سفيان ولا على فراشه، ولا كان عبيد عبدا لأبي سفيان، ولا سمية أمة له، ولا كانا في ملكه، ولا صارا إليه لسبب من الأسباب ولقد قَالَ معاوية فيما يعلمه أهل الحفظ للأحاديث عند كلام نصر بْن الحجاج بْن علاط السلمي ومن كان معه من موالي بني المغيرة المخزوميين وإرادتهم استلحاقه وإثبات دعوته، وقد أعد لهم معاوية حجرا تحت بعض فرشه فألقاه إليهم، فقالوا له: نسوغ لك ما فعلت في زياد، ولا تسوغ لنا ما فعلنا في صاحبنا، فقال: قضاء رسول الله ص خير لكم من قضاء معاوية فخالف معاوية بقضائه في زياد واستلحاقه إياه وما صنع فيه وأقدم عليه، أمر الله جل وعز وقضاء رسول الله ص واتبع في ذلك هواه رغبة عن الحق ومجانبة له، وقد قَالَ الله عز وجل:
«وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» ، وقال لداود ص وقد أتاه الحكم والنبوة والمال والخلافة:«يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ» الآية إلى آخرها.
فأمير المؤمنين يسأل الله أن يعصم له نفسه ودينه، وأن يعيذه من غلبة الهوى، ويوفقه في جميع الأمور لما يحب ويرضى، إنه سميع قريب