ووجه عجيف بن عنبسة وعمرا الفرغاني ومحمد كوته وجماعة من القواد إلى زبطرة إعانة لأهلها، فوجدوا ملك الروم قد انصرف إلى بلاده بعد ما فعل ما قد ذكرناه، فوقفوا قليلا، حتى تراجع الناس إلى قراهم، واطمأنوا فلما ظفر المعتصم ببابك، قال: أي بلاد الروم أمنع وأحصن؟
فقيل: عمورية، لم يعرض لها أحد من المسلمين منذ كان الإسلام، وهي عين النصرانية وبنكها، وهي اشرف عندهم من القسطنطينية.
[ذكر الخبر عن فتح عموريه]
وفي هذه السنة شخص المعتصم غازيا إلى بلاد الروم وقيل كان شخوصه إليها من سامرا في سنة أربع وعشرين ومائتين- وقيل في سنة اثنتين وعشرين ومائتين- بعد قتله بابك.
فذكر أنه تجهز جهازا لم يتجهز مثله قبله خليفة قط، من السلاح والعدد والآلة وحياض الأدم والبغال والروايا والقرب وآلة الحديد والنفط، وجعل على مقدمته أشناس، ويتلوه محمد بن إبراهيم، وعلى ميمنته إيتاخ، وعلى ميسرته جعفر بن دينار بن عبد الله الخياط، وعلى القلب عجيف بن عنبسة.
ولما دخل بلاد الروم أقام على نهر اللمس، وهو على سلوقية قريبا من البحر، بينه وبين طرسوس مسيرة يوم، وعليه يكون الفداء إذا فودي بين المسلمين والروم، وأمضى المعتصم الأفشين خيذر بن كاوس إلى سروج، وأمره بالبروز منها والدخول من درب الحدث، وسمى له يوما أمره أن يكون دخوله فيه، وقدر لعسكره وعسكر أشناس يوما جعله بينه وبين اليوم الذي يدخل فيه الأفشين، بقدر ما بين المسافتين إلى الموضع الذي رأى أن يجتمع العساكر فيه- وهو أنقرة- ودبر النزول على أنقرة، فإذا فتحها الله عليه صار