للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اكلهم الاعراب، وسلبوا ما بقي معهم مما كان تخباه الناس من أموالهم، ومات اكثر الناس عطشا وجوعا.

ولما صح عند المقتدر ما نال الناس وناله في رجاله وماله عظم ذلك عنده وعند الخاصة والعامه، وجل الاغتمام به على كل طبقه، وتقدم الخليفة الى ابن الفرات في الكتاب الى مؤنس الخادم بان يقدم من الرقة ليخرج الى القرمطى وكتب اليه نصر الحاجب بالاستعجال والبدار، فسلك الفرات في خاصته واسرع في مسيره، ووصل الى بغداد في غره شهر ربيع الاول.

[ذكر التقبض على ابن الفرات وابنه وقتلهما]

وفي يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر ربيع الآخر، قبض على على بن محمد ابن الفرات الوزير، واختفى المحسن ابنه، فاشتد السلطان في طلبته، وعزم على تفتيش منازل بغداد كلها بسببه، وامر بالنداء بهدر دم من وجد عنده وأخذ ماله، وهدم داره، وتشدد على الناس في ذلك التشدد الذى لم يسمع بمثله، فجاء من اعطى نصرا الحاجب خبره، ودله على موضعه، فوجه بالليل من كبسه واخذه، وقد تشبه بالنساء وحلق لحيته، وتقنع، فاتى به على هيئته وفي زيه لم تغير له حال، وضرب في الليل بالدبادب ليعلم الناس انه قد أخذ، وغدت العامه الى دار الخليفة ليروه، وتكاثر الناس، وازدحموا للنظر اليه، وهو في ذلك الزي الذى وجد عليه ثم احضر ابو القاسم عبد الله بن محمد بن عبيد الله الخاقانى فاستوزر، واقعد، وخلع عليه للوزارة، فاستوزر منه رجل قد تكهل وفهم وجرب، وفارق ما كان عليه في ايام ابيه من الحداثة، وغلب عليه الوقار والسكينة.

وكان مؤنس الخادم هو الذى اشار به، وزين امره وحض المقتدر على استيزاره، فأول ما قعد نصب لمناظرة ابن الفرات وولده، ومحاسبتهما رجلا يعرف بابن نقد الشر، فتشدد عليهما في الأموال فلم يذعنا الى شيء، إذ علما انهما تالفان، وكان في

<<  <  ج: ص:  >  >>