هذين قط! والله إنا لنؤتى بالذين قد قاسوا غلظ المعيشة وكدها، فما يصبرون هذا الصبر، وهؤلاء أهل الخفض والكن والنعمة، قلت: يا أمير المؤمنين، هؤلاء قومك أهل الشرف والقدر، قَالَ: فأعرض عني، وقال: أبيت إلا العصبية! ثم أعاد عبد العزيز بْن إبراهيم بعد ذلك ليضربه، فقال: يا أمير المؤمنين، الله الله فينا! فو الله إني لمكب على وجهي منذ أربعين ليلة، ما صليت لله صلاة! قَالَ: أنتم صنعتم ذلك بأنفسكم، قَالَ: فأين العفو يا أمير المؤمنين؟
كثروا محمدا وألحوا في القتال حتى قتل محمد في النصف من شهر رمضان سنة خمسة وأربعين ومائة، وحمل رأسه إلى عيسى بْن موسى، فدعا ابن أبي الكرام، فأراه إياه، فعرفه فسجد عيسى بْن موسى، ودخل المدينة، وآمن الناس كلهم وكان مكث محمد بْن عبد الله من حين ظهر إلى أن قتل شهرين وسبعة عشر يوما.
وفي هذه السنة: استخلف عيسى بْن موسى على المدينة كثير بْن حصين حين شخص عنها بعد مقتل محمد بْن عبد الله بْن حسن، فمكث واليا عليها شهرا، ثم قدم عبد الله بْن الربيع الحارثي واليا عليها من قبل أبي جعفر المنصور.
وفي هذه السنة ثارت السودان بالمدينة بعبد الله بْن الربيع، فهرب منهم
. ذكر الخبر عن وثوب السودان بالمدينة في هذه السنة والسبب الذي هيج ذلك
ذكر عمر بْن شبة أن محمد بْن يحيى حدثه، قَالَ: حدثني الحارث بْن إسحاق، قَالَ: كان رياح بْن عثمان استعمل أبا بكر بْن عبد الله بْن أبي سبرة على صدقه اسد وطيّئ فلما خرج محمد أقبل إليه أبو بكر بما كان جبا وشمر معه، فلما استخلف عيسى كثير