وقله الميرة، فوافى بغداد يوم الأربعاء لثلاث خلون من شهر رمضان.
وفيها استامن الحسن بن على كوره عامل رافع على الري الى على بن المعتضد في زهاء الف رجل، فوجهه الى ابيه المعتضد.
وفيها دخل الاعراب سامرا فأسروا ابن سيما انف في ذي القعده منها وانتهبوا.
[ذكر خبر الوقعه بين الأكراد والاعراب]
ولست ليال بقين من ذي القعده خرج المعتضد الخرجه الثانيه الى الموصل عامدا لحمدان بن حمدون، وذلك انه بلغه انه مايل هارون الشاري الوازقى، ودعا له فورد كتاب المعتضد من كرخ جدان على نجاح الحرمي الخادم بالوقعه بينه وبين الاعراب والأكراد، وكانت يوم الجمعه سلخ ذي القعده:
بسم الله الرحمن الرحيم كتابي هذا وقت العتمه ليله الجمعه، وقد نصر الله- وله الحمد- على الأكراد والاعراب، واظفرنا بعالم منهم وبعيالاتهم، ولقد رايتنا ونحن نسوق البقر والغنم كما كنا نسوقها عاما أولا، ولم تزل الأسنة والسيوف تأخذهم، وحال بيننا وبينهم الليل، واوقدت النيران على رءوس الجبال، ومن غد يومنا، فيقع الاستقصاء، وعسكرى يتبعني الى الكرخ وكان وقاعنا بهم وقتلنا إياهم خمسين ميلا، فلم يبق منهم مخبر والحمد لله كثيرا، فقد وجب الشكر لله علينا والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد نبيه وآله وسلم كثيرا.
وكانت الاعراب والأكراد لما بلغهم خروج المعتضد، تحالفوا انهم يقتلون على دم واحد، واجتمعوا، وعبوا عسكرهم ثلاثة كراديس، كردوسا دون كردوس، وجعلوا عيالاتهم وأولادهم في آخر كردوس، وتقدم المعتضد عسكره في خيل جريدة، فاوقع بهم، وقتل منهم، وغرق في الزاب منهم