ساره، فقال:«إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ» ، وذلك قبل أن يعرف هاجر، وقبل أن تصير له أم إسماعيل، ثم أتبع ذلك ربنا عز وجل الخبر عن إجابته دعاءه، وتبشيره إياه بغلام حليم، ثم عن رؤيا إبراهيم أنه يذبح ذلك الغلام حين بلغ معه السعى، ولا يعلم في كتاب ذكر لتبشير ابراهيم بولد ذكر إلا بإسحاق، وذلك قوله:«وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ» وقوله: «فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ» ثم ذلك كذلك في كل موضع ذكر فيه تبشير إبراهيم بغلام، فإنما ذكر تبشير الله إياه به من زوجته سارة، فالواجب أن يكون ذلك في قوله:«فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ» نظير ما في سائر سور القرآن من تبشيره اياه به من زوجته سارة.
وأما اعتلال من اعتل بأن الله لم يكن يأمر إبراهيم بذبح إسحاق، وقد أتته البشارة من الله قبل ولادته بولادته وولادة يعقوب منه من بعده، فإنها علة غير موجبة صحة ما قال، وذلك أن الله إنما أمر إبراهيم بذبح إسحاق بعد إدراك إسحاق السعي وجائز أن يكون يعقوب ولد له قبل أن يؤمر أبوه بذبحه، وكذلك لا وجه لاعتلال من اعتل في ذلك بقرن الكبش أنه رآه معلقا في الكعبة، وذلك أنه غير مستحيل أن يكون حمل من الشام إلى الكعبة فعلق هنالك
ذكر الخبر عن صفه فعل ابراهيم وابنه الذي أمر بذبحه فيما كان أمر به من ذلك والسبب الذي من أجله أمر إبراهيم بذبحه
والسبب في أمر الله عز وجل ابراهيم بذبح ابنه الذي أمره بذبحه فيما ذكر أنه إذ فارق قومه هاربا بدينه مهاجرا إلى ربه متوجها إلى الشام من أرض العراق دعا الله أن يهب له ولدا ذكرا صالحا من سارة فقال:
«رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ» يعنى بذلك ولدا صالحا من الصالحين كما أخبر الله تعالى عنه فقال: «وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ» فلما نزل به أضيافه من الملائكة الذين كانوا أرسلوا إلى المؤتفكة قوم لوط بشروه بغلام حليم عن أمر الله تعالى إياهم بتبشيره، فقال إبراهيم إذ بشر به: هو إذا لله ذبيح فلما ولد الغلام وبلغ السعي قيل له:
أوف بنذرك الذي نذرت لله.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ:
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس- وعن مرة الهمداني، عن عَبْدِ اللَّهِ- وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ جبرئيل ع لِسَارَّةَ: أَبْشِرِي بِوَلَدٍ اسْمُهُ إِسْحَاقَ، وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبُ، فَضَرَبَتْ جَبِينَهَا عَجَبًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:«فَصَكَّتْ وَجْهَها» وَقَالَتْ: «أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ