للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر مَا كَانَ من خبر الخوارج عِنْدَ توجيه علي الحكم للحكومة وخبر يوم النهر

قَالَ أَبُو مخنف: عن أبي المغفل، عن عون بن أبي جحيفة، [أن عَلِيًّا لما أراد أن يبعث أبا مُوسَى للحكومة، أتاه رجلان من الخوارج: زرعة بن البرج الطَّائِيّ وحرقوص بن زهير السعدي، فدخلا عَلَيْهِ، فقالا له: لا حكم الا لله، فقال علي: لا حكم إلا لله، فَقَالَ لَهُ حُرْقُوص: تب من خطيئتك، وارجع عن قضيتك، واخرج بنا إِلَى عدونا نقاتلهم حَتَّى نلقى ربنا.

فَقَالَ لَهُمْ علي: قَدْ أردتكم عَلَى ذَلِكَ فعصيتموني، وَقَدْ كتبنا بيننا وبينهم كتابا، وشرطنا شروطا، وأعطينا عَلَيْهَا عهودنا ومواثيقنا، وَقَدْ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:

«وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ» فَقَالَ لَهُ حُرْقُوص:

ذَلِكَ ذنب ينبغي أن تتوب مِنْهُ، فَقَالَ علي: مَا هُوَ ذنب، ولكنه عجز من الرأي، وضعف من الفعل، وَقَدْ تقدمت إليكم فِيمَا كَانَ مِنْهُ، ونهيتكم عنه فَقَالَ لَهُ زرعة بن البرج: أما وَاللَّهِ يَا علي، لَئِنْ لم تدع تحكيم الرجال فِي كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قاتلتك، أطلب بِذَلِكَ وجه اللَّه ورضوانه، فَقَالَ لَهُ علي: بؤسا لك، مَا أشقاك! كأني بك قتيلا تسفى عَلَيْك الريح، قَالَ:

وددت أن قَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ علي: لو كنت محقا كَانَ فِي الموت عَلَى الحق تعزية عن الدُّنْيَا، أن الشَّيْطَان قَدِ استهواكم، فاتقوا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، إنه لا خير لكم فِي دنيا تقاتلون عَلَيْهَا، فخرجا من عنده يحكمان] .

قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي عَبْد الْمَلِكِ بن أبي حرة الحنفي، أن عَلِيًّا خرج ذات يوم يخطب، فإنه لفي خطبته إذ حكمت المحكمة فِي جوانب المسجد، فَقَالَ علي: اللَّه أكبر! كلمة حق يراد بِهَا باطل! إن سكتوا عممناهم، وإن تكلموا حججناهم، وإن خرجوا علينا قاتلناهم فوثب يَزِيد بن عاصم

<<  <  ج: ص:  >  >>