(ذكر ما دار في هذه السنه من اخبار بنى العباس) وفيها ورد مؤنس الخادم مصر يوم الخميس لاربع خلون من المحرم، وكان المقتدر قد وجهه إليها لمحاربه الشيعة بها على ما تقدم ذكره في العام قبله، فالفى مؤنس أبا القاسم الشيعى مضطربا بالفيوم، فخرج القضاه والقواد ووجوه اهل مصر الى مؤنس، ونزل خارج المدينة، واجتبى ابو القاسم خراج الفيوم، وضياع مصر، ودفع مؤنس ارزاق الجند من اموال اهل مصر، وباع بعض ضياعها فيما اعطاهم، وضم مؤنس الجيوش اليه، وقويت بذلك نفوس اهل مصر، وجرت بين ابى القاسم الشيعى وبين اهل مصر مكاتبات واشعار بعث بها مؤنس الى الخليفة، وفيها توبيخ لهم وتحامل عليهم، وسب كثير تركنا ذكره لما فيه وقد اجتلبنا بعضها ما لم يكن فيه كبير رفث، وكذلك ما فعلنا في الجواب، وأول شعر الشيعى:
أيا اهل شرق الله زالت حلومكم ... أم اختدعت من قله الفهم والأدب
صلاتكم مع من؟ وحجكم بمن؟ ... وغزوكم فيمن؟ أجيبوا بلا كذب
صلاتكم والحج والغزو ويلكم ... بشراب خمر عاكفين على الريب
الا ان حد السيف اشفى لذى الوصب ... واحرى بنيل الحق يوما إذا طلب
الم ترني بعت الرفاهة بالسرى ... وقمت بأمر الله حقا كما وجب
صبرت وفي الصبر النجاح وربما ... تعجل ذو راى فأخطأ ولم يصب
الى ان اراد الله اعزاز دينه ... فقمت بأمر الله قومه محتسب
وناديت اهل الغرب دعوه واثق ... برب كريم من تولاه لم يخب
فجاءوا سراعا نحو اصيد ماجد ... يبادونه بالطوع من جمله العرب
وسرت بخيل الله تلقاء أرضكم ... وقد لاح وجه الموت من خلل الحجب
واردفتها خيلا عتاقا يقودها ... رجال كأمثال الليوث لها جنب