فأخذوه وبعثوا به إلى هرثمة، وبعث به هرثمة إلى خزيمة بْن خازم بمدينة السلام، فدفعه خزيمة إلى بعض من وتره فأخرجه إلى شاطئ دجلة من الجانب الشرقي فصلب حيا، فذكروا أنه لما أرادوا شدة على خشبته، اجتمع خلق كثير، فجعل يقول قبل أن يشدوه: أنتم بالأمس تقولون: لا قطع الله يا سمرقندي يدك، واليوم قد هيأتم حجارتكم ونشابكم لترموني! فلما رفعت الخشبة أقبل الناس عليه رميا بالحجارة والنشاب وطعنا بالرماح حتى قتلوه، وجعلوا يرمونه بعد موته، ثم أحرقوه من غد، وجاءوا بنار ليحرقوه بها، وأشعلوها فلم تشتعل، وألقوا عليه قصبا وحطبا، فأشعلوها فيه، فاحترق بعضه، وتمزقت الكلاب بعضه، وذلك يوم السبت لليلتين خلتا من صفر.
ذكر الخبر عن صفه محمد ابن هارون وكنيته وقدر ما ولي ومبلغ عمره
قَالَ هشام بْن محمد وغيره: ولي محمد بْن هارون وهو أبو موسى يوم الخميس لإحدى عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائه، وقتل ليله الأحد لست بقين من صفر سنة سبع وتسعين ومائة وأمه زبيدة ابنة جعفر الأكبر بْن أبي جعفر، فكانت خلافته أربع سنين وثمانية أشهر وخمسة أيام:
وقد قيل: كانت كنيته أبا عبد الله.
وأما محمد بْن موسى الخوارزمي فإنه ذكر عنه أنه قَالَ: أتت الخلافة محمد بْن هارون للنصف من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وحج بالناس في هذه السنة التي ولي فيها داود بْن عيسى بْن موسى، وهو على مكة وأبو البختري على ولايته، وبعد ولايته بعشره اشهر وخمسه ايام وجه عصمه ابن أبي عصمة ألى ساوة، وعقد ولايته لابنه موسى بولاية العهد لثلاث خلون من شهر ربيع الأول، وكان على شرطه علي بْن عيسى بْن ماهان.
وحج بالناس سنة أربع وتسعين ومائه على بن الرشيد، وعلى المدينة إسماعيل بْن العباس بْن محمد، وعلى مكة داود بْن عيسى، وكان بين ان