فمن ذلك ما كان من خروج أبي حرب المبرقع اليماني بفلسطين وخلافه على السلطان.
ذكر الخبر عن سبب خروجه وما آل إليه أمره:
ذكر لي بعض أصحابي ممن ذكر أنه خبير بأمره، أن سبب خروجه على السلطان كان أن بعض الجند أراد النزول في داره وهو غائب عنها، وفيها إما زوجته وإما أخته، فمانعته ذلك، فضربها بسوط كان معه، فاتقته بذراعها، فأصاب السوط ذراعها، فأثر فيها، فلما رجع أبو حرب إلى منزله بكت وشكت إليه ما فعل بها، وأرته الأثر الذي بذراعها من ضربه، فأخذ أبو حرب سيفه ومشى إلى الجندي وهو غار، فضربه به حتى قتله، ثم هرب وألبس وجهه برقعا كي لا يعرف، فصار إلى جبل من جبال الأردن، فطلبه السلطان فلم يعرف له خبر، وكان أبو حرب يظهر بالنهار فيقعد على الجبل الذي أوى إليه متبرقعا، فيراه الرائي فيأتيه، فيذكره ويحرضه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويذكر السلطان وما يأتي إلى الناس ويعيبه، فما زال ذلك دأبه حتى استجاب له قوم من حراثي أهل تلك الناحية وأهل القرى، وكان يزعم أنه أموي، فقال الذين استجابوا له: هذا هو السفياني، فلما كثرت غاشيته وتباعه من هذه الطبقة من الناس، دعا أهل البيوتات من أهل تلك الناحية، فاستجاب له منهم جماعة من رؤساء اليمانية، منهم رجل يقال له ابن بيهس، كان مطاعا في أهل اليمن ورجلان آخران من أهل دمشق، فاتصل الخبر