للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مستهل جمادى الاولى اجتمع اهل الثغور والجبال الى دار السلطان، واستنفروا الناس ببغداد، وذكروا ما ينالهم من الديلم والروم وان الخراج انما يؤخذ منهم ومن غيرهم ليصان به عامه الناس، ويدفع عدوهم عنهم، وانهم قد ضاعوا وضاعت ثغورهم، واستطال عليهم عدوهم ورققوا القلوب بهذا وأشباهه، فثار الناس معهم وساروا الى الجامع بمدينه المنصور وكسروا درابزين المقصورة واعواد المنبر، ومنعوا من الخطبه، ووثبوا بحمزه الخطيب، ورجموه حتى ادموه، وسلخوا وجهه، وجروا برجله، وقالوا له:

يا فاجر، تدعو لرجل لا ينظر في امور المسلمين، قد اشتعل بالغناء والزنا عن النظر في امور الحرمين والثغور يفرق مال الله في أعداء الله، ولا يخاف عقابا، ولا ينتظر معادا فلم يزالوا في هذه الحال الى وقت صلاه العصر، وفعلوا بعد ذلك مثل فعلهم الاول في أول جمادى الآخرة ونهضوا الى باب الوزير الفضل بن جعفر وراموا كسره، فرموا بالسهام اعلى الدار، وقتل منهم نفر، فركب احمد بن خاقان وتوسط امرهم، وضمن لهم ما يصلحهم.

وفي ثمان خلون من رجب نقب الحسين بن القاسم في دار الحاجبين نقبا اخرج منه غلمانه، واراد الخروج بنفسه ففطن به وقبض عليه، وحدر الى البصره

. ذكر مسير مؤنس الى بغداد وقتل المقتدر

ولما كثر عند مؤنس من استامن اليه من قواد العراق ورجال الخليفة وبلغه الاضطراب بها، وانس الى الوزير الفضل بن جعفر، لما كان عليه من ترك المطالبه للناس، ودارت بين مؤنس وبين الوزير مكاتبات، ورجا الوزير ان تصلح الاحوال بمجيء مؤنس ويتأيد به على قمع المفسدين، ويتمكن بحضوره من صلاح امور الخليفة التي قد اضطربت، فراسل مؤنسا في القدوم ورغبه في الصلاح، وجنح مؤنس الى ذلك ورغب فيه، ورجا ما لم يعنه المقدار عليه فخرج مؤنس من الموصل يوم الأحد لثلاث عشره ليله بقيت من شوال بعد ان ضم الى نفسه قواده ورجاله، وقلد من وثق به الموصل ونصيبين وبعربايا وسائر الاعمال في تلك الناحية، فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>