قال أبو جعفر: وفي هذه السنة كانت وقعة دير الجماجم بين الحجاج وابن الأشعث في قول بعضهم قال الواقدي: كانت وقعة دير الجماجم في شعبان من هذه السنة، وفي قول بعضهم: كانت في سنة ثلاث وثمانين.
ذكر الخبر عن ذلك وعن سبب مصير ابن الأشعث إلى دير الجماجم وذكر ما جرى بينه وبين الحجاج بها:
ذكر هشام عن أبي مخنف، قال: حدثني أبو الزبير الهمداني ثم الأرحبي، قال: كنت قد أصابتني جراحة، وخرج أهل الكوفة يستقبلون ابن الأشعث حين أقبل، فاستقبلوه بعد ما جاز قنطرة زبارا، فلما دنا منها قال لي: إن رأيت أن تعدل عن الطريق- فلا يرى الناس جراحتك فإني لا أحب أن يستقبلهم الجرحى- فافعل فعدلت ودخل الناس، فلما دخل الكوفة مال إليه أهل الكوفة كلهم، وسبقت همدان إليه، فحفت به عند دار عمرو بن حريث الا طائفة من تميم ليسوا بالكثير قد أتوا مطر بن ناجية، فأرادوا أن يقاتلوا دونه، فلم يطيقوا قتال الناس فدعا عبد الرحمن بالسلاليم والعجل، فوضعت ليصعد الناس القصر، فصعد الناس القصر فأخذوه، فأتي به عبد الرحمن بن مُحَمَّد، فقال له: استبقني فإني أفضل فرسانك واعظمهم عنك غناء، فأمر به فحبس، ثم دعا به بعد ذلك فعفا عنه وبايعه مطر، ودخل الناس إليه فبايعوه، وسقط إليه أهل البصرة، وتقوضت إليه المسالح والثغور، وجاءه فيمن جاءه من اهل البصره عبد الرحمن ابن العباس بْن رَبِيعَة بْن الْحَارِث بْن عبد المطلب، وعرف بذلك، وكان قد قاتل الحجاج بالبصرة بعد خروج ابن الأشعث ثلاثا، فبلغ ذلك عبد الملك ابن مروان، فقال: قاتل الله عدي الرحمن، إنه قد فر! وقاتل غلمان من غلمان قريش بعده ثلاثا وأقبل الحجاج من البصرة فسار في البر حتى مر بين القادسية والعذيب، ومنعوه من نزول القادسية، وبعث إليه عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن الأشعث عبد الرحمن بن العباس في خيل عظيمة من خيل المصرين