فمن ذلك غزوة هارون بْن محمد المهدي الصائفة، ووجهه أبوه- فيما ذكر- يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة غازيا إلى بلاد الروم، وضم إليه الربيع مولاه، فوغل هارون في بلاد الروم، فافتتح ماجدة، ولقيته خيول نقيطا قومس القوامسة، فبارزه يزيد بْن مزيد، فأرجل يزيد، ثم سقط نقيطا، فضربه يزيد حتى أثخنه، وانهزمت الروم، وغلب يزيد على عسكرهم.
وسار إلى الدمستق بنقمودية وهو صاحب المسالح، وسار هارون في خمسه وتسعين ألفا وسبعمائة وثلاثة وتسعين رجلا، وحمل لهم من العين مائه الف دينار واربعه وتسعين ألفا وأربعمائة وخمسين دينارا، ومن الورق أحدا وعشرين ألف الف وأربعمائة الف واربعه عشر ألفا وثمانمائه درهم وسار هارون حتى بلغ خليج البحر الذى على القسطنطينية، وصاحب الروم يومئذ اغسطه امرأة أليون، وذلك أن ابنها كان صغيرا قد هلك أبوه وهو في حجرها، فجرت بينهما وبين هارون بْن المهدي الرسل والسفراء في طلب الصلح والموادعة وإعطائه الفدية، فقبل ذلك منها هارون، وشرط عليها الوفاء بما أعطت له، وأن تقيم له الأدلاء والأسواق في طريقه، وذلك أنه دخل مدخلا صعبا مخوفا على المسلمين، فأجابته إلى ما سأل، والذي وقع عليه الصلح بينه وبينها تسعون أو سبعون ألف دينار، تؤديها في نيسان الأول في كل سنة، وفي حزيران، فقبل ذلك منها، فأقامت له الأسواق في منصرفه، ووجهت معه رسولا إلى المهدي بما بذلت على أن تؤدي ما تيسر من الذهب والفضة والعرض، وكتبوا