يد يحيى، فأخفى عني أعظمهما خطرا، وعرض علي أخسهما، واستوهبنيه فوهبته له، فرفع لي العقد الذي أخفاه، فدعوته فقلت: أحضرني العقد الذي أخفيته، فأتاني بالعقد الذي وهبته له، وجحد ان يكون اخذه غيره، فرفع لي العقد، فجعلت أصفه وأنا أراه، فبهت، وذهب فأتاني به، واستوهبنيه فوهبته له، وأمرته بالاستغفار.
وذكر عن محمد بن الحسن أن محمد بن سمعان حدثه أن قائد الزنج قال لي في بعض أيامه: لقد عرضت علي النبوة فأبيتها، فقلت: ولم ذاك؟
قال: لأن لها أعباء خفت ألا اطيق حملها!
ذكر خبر انحياز ابى احمد بن المتوكل الى واسط
وفي هذه السنة انحاز أبو أحمد بن المتوكل من الموضع الذي كان به من قرب موضع قائد الزنج إلى واسط.
ذكر الخبر عن سبب الحيازة ذلك إليها: ذكر أن السبب في ذلك كان أن أبا أحمد لما صار إلى نهر أبي الأسد، فأقام به، كثر العلل فيمن معه من جنده وغيرهم، وفشا فيهم الموت، فلم يزل مقيما هنالك حتى أبل من نجا منهم من الموت من علته، ثم انصرف راجعا إلى باذاورد، فعسكر به، وأمر بتجديد الآلات وإعطاء من معه من الجند أرزاقهم وإصلاح الشذوات والسميريات والمعابر، وشحنها بالقواد من مواليه وغلمانه، ونهض نحو عسكر الخبيث، وأمر جماعة من قواده بقصد مواضع سماها لهم من نهر أبي الخصيب وغيره، وأمر جماعة منهم بلزومه والمحاربة معه في الموضع الذي يكون فيه، فمال أكثر القوم حين وقعت الحرب، والتقى الفريقان إلى نهر أبي الخصيب، وبقي أبو أحمد في قلة من أصحابه، فلم يزل عن موضعه إشفاقا من أن يطمع فيه الزنج، وفيمن بإزائهم من أصحابه وهم بسبخة