ثم ملك أردشير بن شيرويه بن ابرويز بن هرمز بن انوشروان، وكان طفلا صغيرا- قيل: إنه كان ابن سبع سنين لأنه لم يكن في أهل بيت المملكة محتنك- فملكته عظماء فارس، وحضنه رجل يقال له مهاذرجشنس، وكانت مرتبته رئاسة أصحاب المائدة، فأحسن سياسة الملك، فبلغ من إحكامه ذلك ما لم يحس معه بحداثة سن أردشير وكان شهربراز بثغر الروم في جند ضمهم إليه كسرى وسماهم السعداء، وكان كسرى وشيرويه لا يزالان يكتبان إليه في الأمر يهمهما، فيستشيرانه فيه، فلما لم يشاوره عظماء فارس في تمليك أردشير.
اتخذ ذلك ذريعة إلى التعتب والتبغي عليهم، وبسط يده في القتل، وجعله سببا للطمع في الملك، والاعتلاء عند ذلك من ضعة العبودية إلى رفعة الملك، واحتقر أردشير لحداثة سنه واستطال عليهم، وأجمع على دعاء الناس إلى التشاور في الملك ثم أقبل بجنده وقد عمد مهاذرجشنس، فحصن سور مدينة طيسبون وأبوابها، وحول أردشير، ومن بقي من نسل الملك ونسائهم، وما كان في بيت مال أردشير من ماله وخزائنه وكراعه إلى مدينة طيسبون وكان الذين اقبل فيهم من الجند شهربراز ستة آلاف رجل من جند فارس بثغر الروم، فأناخ إلى جانب مدينة طيسبون، وحاصر من فيها وقاتلهم عنها، ونصب المجانيق عليها فلم يصل إليها فلما رأى عجزه عن افتتاحها أتاها من قبل المكيدة، فلم يزل يخدع رجلا يقال له نيوخسروا، وكان رئيس حرس أردشير ونامدار جشنس بن آذر جشنس، أصبهبذ نيمروذ، حتى فتحا له باب المدينة فدخلها، فأخذ جماعة من الرؤساء فقتلهم، واستصفى أموالهم، وفضح نساءهم وقتل ناس بأمر شهربراز أردشير بن شيرويه، سنة اثنتين ماه بهمن، ليله روز آبان في ايوان خسرو شاه قباذ.