وحدثني بعض شيوخنا أن إيتاخ كان موته بالعطش، وأنه أطعم فاستسقى فمنع الماء، حتى مات عطشا، وبقي ابناه في الحبس حياة المتوكل، فلما أفضى الأمر إلى المنتصر أخرجهما، فأما مظفر فإنه لم يعش بعد أن أخرج من السجن إلا ثلاثة أشهر حتى مات، واما منصور فعاش بعده.
[ذكر خبر اسر ابن البعيث وموته]
وفي هذه السنة قدم بغا الشرابي بابن البعيث في شوال وبخليفته أبي الأغر وبأخوي ابن البعيث صقر وخالد- وكانا نزلا بأمان- وبابن لابن البعيث، يقال له العلاء، خرج بأمان، وقدم من الأسرى بنحو من مائة وثمانين رجلا، ومات باقيهم قبل أن يصلوا، فلما قربوا من سامرا حملوا على الجمال يستشرفهم الناس، فأمر المتوكل بحبسه وحبسهم، وأثقله حديدا فذكر عن علي بن الجهم، أنه قال: أتي المتوكل بمحمد بن البعيث، فأمر بضرب عنقه، فطرح على نطع، وجاء السيافون فلوحوا له، فقال المتوكل، وغلظ عليه: ما دعاك يا محمد إلى ما صنعت؟ قال: الشقوة، وأنت الحبل الممدود بين الله وبين خلقه، وإن لي فيك لظنين أسبقهما إلى قلبي أولاهما بك، وهو العفو، ثم اندفع بلا فضل، فقال:
أبى الناس إلا أنك اليوم قاتلي ... إمام الهدى والصفح بالناس أجمل
وهل أنا إلا جبلة من خطية ... وعفوك من نور النبوه يجبل
فإنك خير السابقين الى العلا ... ولا شك أن خير الفعالين تفعل
قال علي: ثم التفت إلي المتوكل، فقال: إن معه لأدبا، وبادرت فقلت: بل يفعل أمير المؤمنين خيرهما ويمن عليك، فقال: ارجع إلى منزلك.
وحدثني أنه أنشدني بالمراغة جماعة من أشياخها أشعارا لابن