وابتلائه إياه بما امتحنه به من طاعته، وذكر ركوب آدم معصية ربه بعد الذي كان أعطاه من كرامته وشريف المنزلة عنده، ومكنه في جنته من رغد العيش وهنيئه، وما أزال ذلك عنه، فصار من نعيم الجنة ولذيذ رغد العيش إلى نكد عيش أهل الأرض وعلاج الحراثة والعمل بالمساحي والزراعة فيها.
فلما أسكن الله عز وجل آدم ع وزوجه اطلق لهما ان يأكلا كل ما شاء أكله من كل ما فيها من ثمارها، غير ثمر شجرة واحدة ابتلاء منه لهما بذلك، وليمضي قضاء الله فيهما وفي ذريتهما، كما قال عز وجل:
«وَقُلْنا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ» ، فوسوس لهما الشيطان حتى زين لهما أكل ما نهاهما ربهما عن أكله من ثمر تلك الشجرة، وحسن لهما معصية الله في ذلك، حتى أكلا منها، فبدت لهما من سوآتهما ما كان موارى عنهما منها فكان وصول عدو الله إبليس إلى تزيين ذلك لهما ما ذكر في الخبر الذي حَدَّثَنِي موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي- في خبر ذكره- عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس- وعن مرة الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ- وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ اصحاب النبي ص، قَالَ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لآدَمَ: