أخذ علي البيعة عَلَى الناس وخبر زياد بن أَبِي سُفْيَانَ وعبد الرَّحْمَن بن أبي بكرة
وَكَانَ فِي البيعة: عَلَيْك عهد اللَّه وميثاقه بالوفاء لتكونن لسلمنا سلما، ولحربنا حربا، ولتكفن عنا لسانك ويدك وَكَانَ زياد بن أَبِي سُفْيَانَ ممن اعتزل ولم يشهد المعركة، قعد وَكَانَ فِي بيت نافع بن الْحَارِث، وجاء عبد الرحمن ابن ابى بكره في المستأمنين مسلما بعد ما فرغ علي من البيعة، فَقَالَ لَهُ علي:
وعمك المتربص المقاعد بي! فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنه لك لواد، وإنه عَلَى مسرتك لحريص، ولكنه بلغني أنه يشتكي، فأعلم لك علمه ثُمَّ آتيك.
وكتم عَلِيًّا مكانه حَتَّى استأمره، فأمره أن يعلمه فأعلمه، فَقَالَ علي: امش أمامي فاهدني إِلَيْهِ، ففعل، فلما دخل عَلَيْهِ قَالَ: تقاعدت عني، وتربصت- ووضع يده عَلَى صدره، وَقَالَ: هَذَا وجع بين- فاعتذر إِلَيْهِ زياد، فقبل عذره واستشاره وأراده علي عَلَى الْبَصْرَة، فَقَالَ: رجل من أهل بيتك يسكن إِلَيْهِ الناس، فإنه أجدر أن يطمئنوا أو ينقادوا، وسأكفيكه وأشير عَلَيْهِ.
وأمر ابن عَبَّاس عَلَى الْبَصْرَة، وولى زياد الخراج وبيت المال، وأمر ابن عَبَّاس أن يسمع مِنْهُ، فكان ابن عَبَّاس يقول: استشرته عِنْدَ هنة كَانَتْ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: إن كنت تعلم أنك عَلَى الحق، وأن من خالفك عَلَى الباطل، أشرت عَلَيْك بِمَا ينبغي، وإن كنت لا تدري، أشرت عَلَيْك بِمَا ينبغي كذلك.
فقلت: إني عَلَى الحق، وإنهم عَلَى الباطل، فَقَالَ: اضرب بمن أطاعك من عصاك ومن ترك أمرك، فإن كَانَ أعز للإسلام وأصلح لَهُ أن يضرب عنقه فاضرب عنقه فاستكتبته، فلما ولى رأيت مَا صنع، وعلمت أنه قَدِ اجتهد لي رأيه، وأعجلت السبئية عَلِيًّا عن المقام، وارتحلوا بغير إذنه،