أيمانكم، وحللتكم منها، فقال لهما المنتصر عند ذلك: قد خار الله لكما وللمسلمين، وقام فدخل وكان قد قعد للناس، وأقعدهما بالقرب منه، فكتب كتابا إلى العمال بخلعهما وذلك في صفر سنة ثمان وأربعين ومائتين.
نسخة كتاب المنتصر بالله إلى أبي العباس محمد بن عبد الله
ابن طاهر مولى أمير المؤمنين في خلع أبي عبد الله المعتز وإبراهيم المؤيد من عبد الله محمد الإمام المنتصر بالله أمير المؤمنين إلى محمد بْن عبد الله مولى أمير المؤمنين، أما بعد، فإن الله وله الحمد على آلائه، والشكر بجميل بلائه، جعل ولاة الأمر من خلفائه القائمين بما بعث به رسوله ص والذابين عن دينه، والداعين إلى حقه والممضين لأحكامه، وجعل ما اختصهم به من كرامته قواما لعباده، وصلاحا لبلاده، ورحمه غمر بها خلقه وافترض طاعتهم، ووصلها بطاعته وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأوجبها في محكم تنزيله، لما جمع فيها من سكون الدهماء، واتساق الأهواء، ولم الشعث، وأمن السبل، ووقم العدو، وحفظ الحريم، وسد الثغور، وانتظام الأمور، فقال:«أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» ، فمن الحق على خلفاء الله الذين حباهم بعظيم نعمته، واختصهم بأعلى رتب كرامته، واستحفظهم فيما جعله وسيلة إلى رحمته، وسببا لرضاه ومثوبته، لأن يؤثروا طاعته في كل حال تصرفت بهم، ويقيموا حقه في أنفسهم والأقرب فالأقرب منهم، وأن يكون محلهم من الاجتهاد في كل ما قرب من الله عز وجل حسب موقعهم من الدين وولاية أمر المسلمين.
وأمير المؤمنين يسأل الله مسألة رغبة إليه، وتذللا لعظمته، أن يتولاه فيما استرعاه ولاية يجمع له بها صلاح ما قلده، ويحمل عنه أعباء ما حمله، ويعينه بتوفيقه