هؤلاء- واما إلى سائر الموالي ممن هو قائم وقاعد- ألحوا علي في خلعكما، فخفت إن لم أفعل أن يعترضكما بعضهم بحديدة، فيأتي عليكما، فما تريانى صانعا! اقتله؟ فو الله ما تفي دماؤهم كلهم بدم بعضكم، فكانت إجابتهم إلى ما سألوا أسهل علي قال: فأكبا عليه، فقبلا يده، فضمهما إليه، ثم انصرفا.
وذكر أنه لما كان يوم السبت لسبع بقين من صفر سنة ثمان وأربعين ومائتين خلع المعتز والمؤيد أنفسهما، وكتب كل واحد منها رقعة بخطه أنه خلع نفسه من البيعة التي بويع له، وأن الناس في حل من حلها ونقضها، وأنهما يعجزان عن القيام بشيء منها، ثم قاما بذلك على رءوس الناس والأتراك والوجوه والصحابة والقضاة، وجعفر بن عبد الواحد قاضي القضاة، والقواد وبني هاشم، وولاة الدواوين والشيعة ووجوه الحرس، ومحمد بن عبد الله بن طاهر، ووصيف وبغا الكبير وبغا الصغير، وجميع من حضر دار الخاصة والعامة، ثم انصرف الناس بعد ذلك.
والنسخة التي كتباها:
بسم الله الرحمن الرحيم: إن أمير المؤمنين المتوكل على الله رضي الله عنه قلدني هذا الأمر، وبايع لي وأنا صغير، من غير إرادتي ومحبتي، فلما فهمت أمري علمت أني لا أقوم بما قلدني، ولا أصلح لخلافة المسلمين، فمن كانت بيعتي في عنقه فهو من نقضها في حل، وقد احللتكم منها، وأبرأتكم من أيمانكم، ولا عهد لي في رقابكم ولا عقد، وأنتم براء من ذلك.
وكان الذي قرأ الرقاع أحمد بن الخصيب ثم قام كل واحد منهما قائما، فقال لمن حضر: هذه رقعتي وهذا قولي، فاشهدوا علي، وقد أبرأتكم من