وفي ذي القعدة منها كانت لزيرك وقعة مع جيش لصاحب الزنج بنهر ابن عمر، قتل زيرك منهم فيها خلقا كثيرا.
ذكر الخبر عن سبب هذه الوقعة: ذكر أن صاحب الزنج كان أمر باتخاذ شذوات، فعملت له، فضمها إلى ما كان يحارب به، وقسم شذواته ثلاثة اقسام بين بهبوذ ونصر الرومي واحمد ابن الزرنجي، وألزم كل واحد منهم غرم ما يصنع على يديه منها، وكانت زهاء خمسين شذاة، ورتب فيها الرماة وأصحاب الرماح، واجتهدوا في إكمال عدتهم وسلاحهم، وأمرهم بالمسير في دجلة والعبور إلى الجانب الشرقي والتعرض لحرب أصحاب الموفق، وعدة شذوات الموفق يومئذ قليلة، لأنه لم يكن وافاه كل ما كان أمر باتخاذه، وما كان عنده منها فمتفرق في فوهه الانهار التي يأتي الزنج منها المير فغلظ أمر أعوان الفاجر، وتهيأ له أخذ شذاة بعد شذاة من شذا الموفق، وأحجم نصير المعروف بأبي حمزة عن قتالهم والإقدام عليهم، كما كان يفعل لقلة ما معه من الشذا، وأكثر شذوات الموفق يومئذ مع نصير، وهو المتولي لأمرها فارتاع لذلك أهل عسكر الموفق، وخافوا أن يقدم على عسكرهم الزنج بما معهم من فضل الشذا، فورد عليهم في هذه الحال شذوات كان الموفق تقدم في بنائها بجنابا، فأمر أبا العباس بتلقيها فيما معه من الشذا حتى يوردها العسكر، إشفاقا من اعتراض الزنج عليها في دجلة، فسلمت، وأتي بها حتى إذا وافت عسكر نصير، فبصر بها الزنج طمعوا فيها، فأمر الخبيث بإخراج شذواته، وأمر أصحابه بمعارضتها والاجتهاد في اقتطاعها، فنهضوا لذلك فتسرع غلام من غلمان أبي العباس شجاع يقال له وصيف يعرف بالحجراي، في شذوات كن معه، فشد على الزنج فانكشفوا، وتبعهم حتى وافى بهم نهر أبي الخصيب، وانقطع عن أصحابه، فكروا عليه شذواتهم، وانتهى إلى مضيق، فعلقت مجاديف بعض شذواته