للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الخبر عن شخوص هرثمة إلى المأمون وما آل إليه أمره في مسيره ذلك

ذكر أن هرثمة لما فرغ من أمر أبي السرايا ومحمد بْن محمد العلوي، ودخل الكوفة، أقام في معسكره إلى شهر ربيع الأول، فلما أهل الشهر خرج حتى أتى نهر صرصر، والناس يرون أنه يأتي الحسن بْن سهل بالمدائن، فلما بلغ نهر صرصر خرج على عقرقوف، ثم خرج حتى أتى البردان، ثم أتى النهروان، ثم خرج حتى اتى الى خراسان، وقد اتته كتب المأمون في غير منزل، أن يرجع فيلي الشام أو الحجاز، فأبى وقال: لا أرجع حتى ألقى أمير المؤمنين، أدلالا منه عليه، لما كان يعرف من نصيحته له ولآبائه، وأراد أن يعرف المأمون ما يدبر عليه الفضل بْن سهل، وما يكتم عنه من الأخبار، وألا يدعه حتى يرده إلى بغداد، دار خلافة آبائه وملكهم ليتوسط سلطانه، ويشرف على أطرافه فعلم الفضل ما يريد، فقال للمأمون: إن هرثمة قد أنغل عليك البلاد والعباد، وظاهر عليك عدوك، وعادى وليك، ودس أبا السرايا، وهو جندي من جنده حتى عمل ما عمل، ولو شاء هرثمة ألا يفعل ذلك أبو السرايا ما فعله وقد كتب إليه أمير المؤمنين عدة كتب، أن يرجع فيلي الشام أو الحجاز فأبى، وقد رجع إلى باب أمير المؤمنين عاصيا مشاقا، يظهر القول الغليظ، ويتواعد بالأمر الجليل، وان اطلق هذا كان مفسدة لغيره فأشرب قلب أمير المؤمنين عليه.

وأبطأ هرثمة في المسير فلم يصل إلى خراسان حتى كان ذو القعدة، فلما بلغ مرو خشي أن يكتم المأمون قدومه، فضرب بالطبول لكي يسمعها المأمون، فسمعها فقال: ما هذا؟ قالوا: هرثمة قد أقبل يرعد ويبرق، وظن هرثمة أن قوله المقبول فأمر بإدخاله، فلما أدخل- وقد أشرب قلبه ما

<<  <  ج: ص:  >  >>