بجيش بن خمارويه بن احمد بن طولون، فسعى بهم اليه، وكان راكبا، وكانوا في موكبه، وعلموا انه قد وقف على امرهم، فخرجوا من يومهم وسلكوا البريه، وتركوا أموالهم وأهاليهم، فتاهوا أياما، ومات منهم جماعه من العطش، وخرجوا على طريق مكة فوق الكوفه بمرحلتين او ثلاثة ووجه السلطان محمد بن سليمان صاحب الجيش الى الكوفه حتى كتب اسماءهم، وأقيمت لهم الوظائف من الكوفه، فلما قربوا من بغداد، خرجت اليهم الوظائف والخيم والطعام، ووصلوا الى المعتضد يوم دخلوا، فخلع عليهم، وحمل كل قائد منهم على دابه بسرجه ولجامه، وخلع على الباقين، وكان عددهم ستين رجلا.
وفي يوم السبت لاربع عشره بقيت منها شخص الوزير عبيد الله بن سليمان الى الجبل لحرب ابن ابى دلف بأصبهان.
[خبر حصر الصقالبه القسطنطينية]
وفيها- فيما ذكر- ورد كتاب من طرسوس ان الصقالبه غزت الروم في خلق كثير، فقتلوا منهم وخربوا لهم قرى كثيره حتى وصلوا الى قسطنطينيه والجئوا الروم إليها، واغلقت أبواب مدينتهم، ثم وجه طاغيه الروم الى ملك الصقالبه ان ديننا ودينكم واحد، فعلام نقتل الرجال بيننا! فأجابه ملك الصقالبه ان هذا ملك آبائى، ولست منصرفا عنك الا بغلبه أحدنا صاحبه، فلما لم بحد ملك الروم خلاصا من صاحب الصقالبه، جمع من عنده من المسلمين، فأعطاهم السلاح، وسألهم معونته على الصقالبه، ففعلوا، وكشفوا الصقالبه، فلما راى ذلك ملك الروم خافهم على نفسه، فبعث اليهم فردهم، وأخذ منهم السلاح، وفرقهم في البلدان، حذرا من ان يجنوا عليه.
[خلاف جند جيش بن خمارويه عليه]
وللنصف من رجب من هذه السنه ورد الخبر من مصر ان الجند من المغاربه والبربر وثبوا على جيش بن خمارويه، وقالوا: لا نرضى بك أميرا علنيا فتنح عنا حتى نولي عمك، فكلمهم كاتبه على بن احمد الماذرائى، وسألهم ان ينصرفوا عنه يومهم ذلك، فانصرفوا وعادوا من غد، فعدا جيش على عمه الذى ذكروا انهم يؤمرونه، فضرب عنقه وعنق عم له آخر، ورمى بارؤسهما