للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في خلق آدم ع]

وكان مما حدث في أيام سلطانه وملكه خلق الله تعالى ذكره أبانا آدم أبا البشر، وذلك لما أراد جل جلاله أن يطلع ملائكته على ما قد علم من انطواء إبليس على الكبر ولم يعلمه الملائكة، وأراد إظهار أمره لهم حين دنا أمره للبوار، وملكه وسلطانه للزوال، فقال عز ذكره لما أراد ذلك للملائكة: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» ، فأجابوه بأن قالوا له: «أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ» ! فروي عن ابْنِ عَبَّاسٍ أن الملائكة قالت ذلك كذلك للذين قد كانوا عهدوا من أمر الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل ذلك، فقالوا لربهم جل ثناؤه لما قال لهم: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» أتجعل فيها من يكون فيها مثل الجن الذين كانوا فيها، فكانوا يسفكون فيها الدماء ويفسدون فيها ويعصونك، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لك، فقال الرب تعالى ذكره لهم: «إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ» ، يقول: اعلم ما لا تعلمون من انطواء إبليس على التكبر، وعزمه على خلافه أمري، وتسويل نفسه له الباطل واغتراره، وأنا مبد ذلك لكم منه لتروا ذلك منه عيانا.

وقيل أقوال كثيرة في ذلك، قد حكينا منها جملا في كتابنا المسمى:

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، فكرهنا إطالة الكتاب بذكر ذلك في هذا الموضع.

فلما أراد الله عز وجل أن يخلق آدم ع أمر بتربته أن تؤخذ من الأرض، كما حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>