بِهِ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَظٌّ فِي دُنْيَاكُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ثِقَةٌ لَكُمْ فِي آخِرَتِكُمُ الَّتِي إِلَيْهَا الْمَعَادُ وَالْمُنْقَلَبُ، وَأَنْتُمْ مِنْ جَهْدِ الْمَعِيشَةِ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ أَحْرِيَاءُ أَنْ تَشُحُّوا عَلَى نَصِيبِكُمْ مِنْهُ، وَأَنْ تَظْهَرُوهُ عَلَى غَيْرِهِ، فبله مَا إِنَّهُ قَدْ جُمِعَ لَكُمْ فَضِيلَةُ الدُّنْيَا وَكَرَامَةُ الآخِرَةِ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَأُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ الْحَائِلَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ الا ما عرفتم حق الله فعلمتم لَهُ، وَقَسَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، وَجَمَعْتُمْ مَعَ السُّرُورِ بِالنِّعَمِ خَوْفًا لَهَا وَلانْتِقَالِهَا، وَوَجَلا مِنْهَا وَمِنْ تَحْوِيلِهَا، فَإِنَّهُ لا شَيْءَ أَسْلَبُ لِلنِّعَمَةِ مِنْ كُفْرَانِهَا، وَإِنَّ الشُّكْرَ أَمْنٌ لِلْغَيْرِ، وَنَمَاءٌ لِلنِّعْمَةِ، وَاسْتِيجَابٌ لِلزِّيَادَةِ، هَذَا لِلَّهِ عَلَيَّ مِنْ أَمْرِكُمْ وَنَهْيِكُمْ وَاجِبٌ
. من ندب عمر ورثاه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
ذكر بعض مَا رثي بِهِ حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ البرجمي، عن هِشَام بن عروة، أن باكية بكت عَلَى عمر، فَقَالَتْ: واحرى عَلَى عمر! حر انتشر، فملأ البشر وقالت أخرى: واحرى عَلَى عمر! حر انتشر، حَتَّى شاع فِي البشر.
حَدَّثَنِي عُمَرُ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ دَأْبٍ وَسَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَكَتْهُ ابْنَةُ أَبِي حثمه، فقالت: وا عمراه! أَقَامَ الأَوْدَ، وَأَبْرَأَ الْعَمْدَ، أَمَاتَ الْفِتَنَ، وَأَحْيَا السُّنَنَ، خَرَجَ نَقِيَّ الثَّوْبِ، بَرِيئًا مِنَ الْعَيْبِ.
قَالَ: وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: لَمَّا دُفِنَ عُمَرُ أَتَيْتُ عَلِيًّا وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ مِنْهُ فِي عُمَرَ شَيْئًا، فَخَرَجَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَقَدِ اغْتَسَلَ، وَهُوَ مُلْتَحِفٌ بِثَوْبٍ، لا يَشُكُّ أَنَّ الأَمْرَ يَصِيرُ إِلَيْهِ، [فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهَ ابْنَ الْخَطَّابِ! لَقَدْ صَدَقَتِ ابْنَةُ أَبِي حَثْمَةَ، لَقَدْ ذَهَبَ بِخَيْرِهَا، وَنَجَا مِنْ شَرِّهَا، أَمَا وَاللَّهِ مَا قَالَتْ، وَلَكِنْ قُوِّلَتْ] .
وَقَالَتْ عَاتِكَةُ ابْنَةُ زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضى الله عنه:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute