وكان ملك يزدجرد ثماني عشرة سنة وأربعة أشهر في قول بعضهم.
وفي قول آخرين سبع عشره سنه
. ذكر ملك فيروز بن يزدجرد
ثم ملك فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور، بعد أن قتل أخاه وثلاثة نفر من اهل بيته.
وحدثت عن هشام بن مُحَمَّد، قَالَ: استعد فيروز من خراسان، واستنجد بأهل طخارستان وما يليها، وسار إلى أخيه هرمز بن يزدجرد، وهو بالري- وكانت أمهما واحدة، واسمها دينك، وكانت بالمدائن تدبر ما يليها من الملك- فظفر فيروز بأخيه فحبسه، وأظهر العدل وحسن السيرة، وكان يتدين، وقحط الناس في زمانه سبع سنين، فأحسن تدبير ذلك الأمر حتى قسم ما في بيوت الأموال، وكف عن الجباية، وساسهم أحسن السياسة، فلم يهلك في تلك السنين أحد ضياعا إلا رجل واحد.
وسار إلى قوم كانوا قد غلبوا على طخارستان يقال لهم الهياطلة، وقد كان قوادهم في أول ملكة لمعونتهم إياه على أخيه، وكانوا- فيما زعموا- يعملون عمل قوم لوط، فلم يستحل ترك البلاد في أيديهم، فقاتلهم فقتلوه في المعركة، وأربعة بنين له، وأربعة أخوة، كلهم كان يتسمى بالملك، وغلبوا على عامة خراسان حتى سار إليهم رجل من اهل فارس يقال له سوخرا من أهل شيراز، وكان فيهم عظيما، فخرج فيمن تبعه شبه المحتسب المتطوع حتى لقي صاحب الهياطلة، فأخرجه من بلاد خراسان، فافترقا على الصلح، ورد ما لم يضع مما في عسكر فيروز من الإسراء والسبي وملك سبعا وعشرين سنه.
وقال غير هشام من أهل الأخبار: كان فيروز ملكا محدودا محارفا مشئوما على رعيته، وكان جل قوله وفعله فيما هو ضرر وآفة عليه وعلى أهل مملكته وأن البلاد قحطت في ملكه سبع سنين متوالية، فغارت الأنهار والقنى والعيون، وقحلت الأشجار والغياض، وهاجت عامة الزروع