خطبة عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقتل عُبَيْد اللَّهِ بن عُمَرَ الهرمزان
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن بدر بن عُثْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: لَمَّا بَايَعَ أَهْلُ الشُّورَى عُثْمَانَ، خَرَجَ وَهُوَ أَشَدُّهُمْ كَآبَةً، فَأَتَى منبر رسول الله ص، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى على النبي ص، وَقَالَ: إِنَّكُمْ فِي دَارِ قَلِعَةٍ، وَفِي بَقِيَّةِ أَعْمَارٍ، فَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِخَيْرِ مَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، فَلَقَدْ أُتِيتُمْ، صُبِّحْتُمْ أَوْ مُسِّيتُمْ، أَلا وَإِنَّ الدُّنْيَا طُوِيَتْ عَلَى الْغَرُورِ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ* اعتبروا بمن مضى، ثم وجدوا وَلا تَغْفَلُوا، فَإِنَّهُ لا يُغْفَلُ عَنْكُمْ أَيْنَ أَبْنَاءُ الدُّنْيَا وَإِخْوَانُهَا الَّذِينَ أَثَارُوهَا وَعَمَّرُوهَا، وَمُتِّعُوا بِهَا طَوِيلا، أَلَمْ تَلْفِظْهُمْ! ارْمُوا بِالدُّنْيَا حَيْثُ رَمَى اللَّهُ بِهَا، وَاطْلُبُوا الآخِرَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ قد ضرب لها مثلا، وللذي هُوَ خَيْرٌ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:«وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ» - الى قوله- «أَمَلًا» ، وَأَقْبَلَ النَّاسُ يُبَايِعُونَهُ.
وكتب إلي السري، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عن أبي منصور، قَالَ: سمعت القماذبان يحدث عن قتل أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتِ العجم بِالْمَدِينَةِ يستروح بعضها إِلَى بعض، فمر فيروز بأبي، وَمَعَهُ خنجر لَهُ رأسان، فتناوله مِنْهُ، وَقَالَ: مَا تصنع بهذا فِي هذه البلاد؟ فقال: آنس بِهِ، فرآه رجل، فلما أصيب عمر، قَالَ: رأيت هَذَا مع الهرمزان، دفعه إِلَى فيروز.
فأقبل عُبَيْد اللَّهِ فقتله، فلما ولي عُثْمَان دعاني فأمكنني مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ:
يَا بني، هَذَا قاتل أبيك، وأنت أولى بِهِ منا، فاذهب فاقتله، فخرجت بِهِ وما فِي الأرض أحد إلا معي، إلا أَنَّهُمْ يطلبون إلي فِيهِ فقلت لَهُمْ: ألي قتله؟