وكان من أهل قرية من قرى الروم، قد هداه الله لرشده، وكان قومه أهل أوثان يعبدونها فكان من خبره وخبرهم- فِيمَا ذُكِرَ- مَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عن المغيرة بن أبي لبيد، عن وهب بن منبه اليماني: أن شمسون كان فيهم رجلا مسلما، وكانت أمه قد جعلته نذيرة، وكان من أهل قرية من قراهم، كانوا كفارا يعبدون الأصنام، وكان منزله منها على أميال غير كثيرة، وكان يغزوهم وحده ويجاهدهم في الله، فيصيب منهم وفيهم حاجته، فيقتل ويسبي، ويصيب المال، وكان إذا لقيهم لقيهم بلحي بعير لا يلقاهم بغيره، فإذا قاتلوه وقاتلهم، وتعب وعطش انفجر له من الحجر الذى مع اللحي ماء عذب فيشرب منه حتى يروى، وكان قد أعطي قوة في البطش، وكان لا يوثقه حديد ولا غيره، وكان على ذلك يجاهدهم في الله ويغزوهم، ويصيب منهم حاجته، لا يقدرون منه على شيء، حتى قَالُوا: لن تأتوه إلا من قبل امرأته، فدخلوا على امرأته، فجعلوا لها جعلا، فقالت: نعم أنا أوثقه لكم، فأعطوها حبلا وثيقا، وقالوا: إذا نام فأوثقي يده إلى عنقه حتى نأتيه فنأخذه فلما نام أوثقت يده إلى عنقه بذلك الحبل، فلما هب جذبه بيده، فوقع من عنقه، فقال لها: لم فعلت؟ فقالت: أجرب به قوتك، ما رأيت مثلك قط! فأرسلت إليهم أني قد ربطته بالحبل فلم أغن عنه شيئا، فأرسلوا إليها بجامعة من حديد، فقالوا: إذا نام فاجعليها في عنقه، فلما نام جعلتها في عنقه، ثم أحكمتها، فلما هب جذبها، فوقعت من يده ومن عنقه، فقال لها: لم فعلت هذا؟ قالت: أجرب به قوتك، ما رأيت مثلك في الدنيا يا شمسون!