للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطش شديد، فعاود الرحبه، ودخلها من ثلم عرفها، وقد ترك ابو البركات اصحابه فيها، واصعد الى الرقة، فاستولى حمدان على ذخائره وأمواله واصحابه.

فبلغ ذلك أبا البركات، فانحدر، فتلقاه حمدان وعدته قليله، وقال لأصحابه:

لا بد من الصبر، فقاتل فنصر، وقتل أبا البركات، وانفذه الى أخيه ابى تغلب في تابوت فكفن بسل توبه، واعتذر بانه دفع عن نفسه بقتله، فقال ابو تغلب: والله لألحقنه به ولو ذهب ملكي.

وقبض ابو تغلب على أخيه ابى الفوارس محمد، صاحب نصيبين، وعرف انه وافق حمدان على الفتك به.

ولما عرف هبه الله بن ناصر الدولة ما جرى على ابى الفوارس، ثار به المرار، وانكر فعل ابى تغلب.

وكتب الحسين بن ناصر الدولة الى أخيه ابى تغلب، وهو صاحب الحديثه يقول:

ان الله قد وفق الأمير في افعاله، ونحن وان كنا اخوه، فنحن عبيد، ولو أمرني بالقبض عليه لفعلت، فقال ابو تغلب: هذا كتاب من يريد ان يسلم.

وانحدر حمدان واخوه ابو طاهر ابراهيم الى بغداد.

وكان عز الدولة بواسط فانحدرا اليه فتلقاهما، ونزل حمدان دار ابى قره، وانزل أبا طاهر ابراهيم في دار ابى العباس بن عروه، وحمل إليهما هدايا كثيره، واصعدا معه الى بغداد.

وفي شهر رمضان قدم الوزير ابو الفضل العباس بن الحسن من الاهواز وتلقاه عز الدولة واصعد الى بغداد.

وفيه مات ابو الحسين الكوكبى العلوي الذى كان يتقلد نقابه الطالبيين.

وفي ذي القعده انحدر ابو إسحاق بن معز الدولة الى دار السلطان، ووصل الى المطيع لله وعقد لعضد الدولة على كرمان، وانفذ اليه الخلع واللواء والطوق والسوارين.

وفيه نقل عز الدولة أباه معز الدولة الى تربه بنيت له بمقابر قريش، بعد ان كفنه وطيبه، ومشى بين يدي تابوته الوزير ابو الفضل، والرئيس ابو الفرج والأمراء من الديلم والاتراك.

وملك الروم أنطاكية يوم النحر.

[سنه تسع وخمسين وثلاثمائة]

فيها فتح الروم منازكردم، من اعمال أرمينية بالسيف.

وفي شهر ربيع الاول صرف القاضى ابو بكر بن سيار عن القضاء في حريم دار الخلافه، وتولاه ابو محمد بن معروف.

وفي هذه السنه اقام ابو المعالى بن سيف الدولة الخطبه في اعماله واعمال فرعونه للخارج بالمغرب.

وفي آخرها قبض على الوزير ابن ابى الفضل الشيرازى، وتولى الوزارة مكانه ابو الفرج محمد بن العباس بن فسانحس، وقال ابن الحجاج يمدحه:

يا وزيرا بنوه طلعت ... انجم العدى

صحن خدي لارض نعلك ... يا سيدي الفدا

بك قامت سوق النوال ... وقد اصبحت سيدي

وسمعنا فيها النداء ... على الجود والندى

فاما ابو الفضل العباس بن الحسين الشيرازى، فمولده بشيراز سنه ثلاث وثلاثمائة.

وورد مع معز الدولة بغداد، وناب عن المهلبى، وصاهره على بنته زينه من تجنى، وكان ذلك سبب تقدمه، ثم فسد ما بينهما وكان واسع المروءة والصدر، وداره على الصراة ودجلة، وهي التي كانت بستانا لنقيب النقباء الكامل، وانتقلت الى الفضلونى، وانفق عليها ابو الفضل زائدا على مائه الف دينار، ثم احترقت، فامر عضد الدولة ببسطها بستانا.

وعمل دعوه لمعز الدولة، وجعل في وسط السماط قصورا من السكر، فيها مخانيث اغان يغنون ويرقصون ولا يشاهدون، وقطع دجلة من فوق الجسر الى دار الخلافه بالقلوس الغلاظ وطرح الورد فيها حتى ملاها، وغطى دجلة ولم ينزل بغداد قيان الا احضره، وذلك في سنه اربع وخمسين وثلاثمائة

<<  <  ج: ص:  >  >>